- والدليل الثاني: أن الحاجة دعت إلى تعدد الجمع في الأمصار ووقع هذا واشتهر وتواتر ولم ينكر فكان كالإجماع من حين أقيمت الجمعة مرة أخرى انتشر هذا في البلدان الإسلامية وصار عليه عمل الناس واشتهر ولم ينكر فهو كالإجماع بين الناس لذلك لاتجد أحداً ينكر إقامة الجمعة الأخرى مع وجود الحاجة.
= والقول الثاني: وإن كان قول فيه ضعف - أنه لا يجوز تعدد الجمعة مطلقاً ولو مع الحاجة وإنما يحاول الناس التوسع لبعضهم البعض.
واستدلوا على ذلك:
- بأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم مع طول صلاتهم الجمعة لم يصلوها إلا في مسجد واحد.
والجواب على هذا الدليل من وجهين:
- أولاً: أن الحاجة لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: أن في الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم ميزة لا توجد بعد عهده وهو أنه المبلغ صلى الله عليه وسلم المباشر عن الرب سبحانه وتعالى فتلقي الأحكام منه مباشرة مزية لا توجد في ما بعهده من الأئمة والخطباء.
والراجح مذهب الجمهور وهو جواز الإقامة عند وجود الحاجة.
ثم لما قرر المؤلف تحريم تعدد الجمعة ذكر ما يترتب على هذا الحكم:
• فقال رحمه الله:
فإن فعلوا فالصحيحة: ما باشرها الإمام أو أذن فيها.
أي: إذا أقيمت الجمعة في أكثر من جامع بلا حاجة فالجمعة الصحيحة هي التي باشرها الإمام أي: الجمعة الصحيحة في المسجد الذي صلى فيه الإمام سواء صارت هذه الصلاة - التي مع الإمام - متقدمة أو متأخرة فهي الصحيحة والأخرى باطلة.
واستدلوا على هذا بدليلين:
- الأول: أن في تصحيح الأخرى افتيات على الإمام.
- الثاني: أنه لو قيل بتصحيح الأخرى لأمكن لكل أربعين رجلاً أن يفسدوا صلاة الإمام مع من معه من المسلمين بأن يقيموا هم الجمعة أولاً فتبطل صلاة الإمام ومن معه.
وهذا مذهب الجماهير وهو أن الصلاة الصحيحة هي التي مع الإمام وهو الصواب.
•
ثم قال رحمه الله:
فإن استويا في إذن أو عدمه: فالثانية باطلة.
يعني: إذا أقيمت صلاة الجمعة في أكثر من جامع بلا حاجة واستويا الجمعتان في إذن الإمام يعني أنه أذن لكل منهما فالصلاة الصحيحة هي الأولى والصلاة الباطلة هي الثانية.