= القول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد أن غسل الجمعة واجب.
واستدلوا على هذا بأدلة منها:
- الدليل الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستاك وأن يتطيب).
والجواب عليه:
أن قوله في الحديث: (واجب) يعني: أنه متأكد وليس المقصود الوجوب الذي يأثم تاركه بدليل أنه قرنه بالاستياك وبالتطيب وقد أجمع العلماء كلهم على أن الاستياك والتطيب ليس بواجب.
قال الحافظ بن رجب رحمه الله: الواجب على نوعين:
١ - واجب حتم.
٢ - وواجب سنة وفضيلة.
وذكر عن الأئمة ما يدل على أن الواجب ينقسم إلى هذين القسمين.
ويدل أيضاً على أن الوجوب في هذا الحديث ليس على سبيل التأثيم حديث سمرة السابق.
- واستدلوا: بالحديث الآخر وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى الجمعة فليغتسل). واللام لام الأمر.
والجواب: أن حديث سمرة يصرف الأمر عن الوجوب إلى الندب المتحتم.
- واستدلوا بأن رجلاً دخل وأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يخطب - وفي رواية أنه عثمان رضي الله عنه - فأنكر عليه أمير المؤمنين عمر تأخره إلى بداية الخطبة فقال: (لم أزد على الوضوء) فقال عمر رضي الله عنه ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالغسل.
هذا الحديث استدلوا به على الوجوب وهو من وجهة نظري أن (دلالته على الندب أقرب من دلالته على الوجوب).
وجه ذلك: أولاً: أنا نربأ بعثمان بن عفان رضي الله عنه أن يترك واجباً فنستبعد على مثله رضي الله عنه أن يترك واجباً.
- ثانياً: لو كان عثمان رضي الله عنه ترك واجباً لكان درجة إنكار عمر رضي الله عنه أكبر لتركه الواجب لا سيما من رجل مثل عثمان وهو من أكابر الصحابة.
- ثالثاً: ليس بمستغرب أن ينكر عمر على عثمان ترك سنة فإنه ليس بمستغرب بين الصحابة لحرصهم على الخير فمجرد الإنكار لا يدل على الوجوب.
الراجح: الراجح بلا إشكال وبلا تردد إن شاء الله أنه: سنة.
سبب الترجيح: أن المسألة كأنها محل إجماع لذلك يقول الحافظ ابن رجب وكذلك الحافظ بن عبد البر أن العلماء الذين نقل عنهم الوجوب لا يريدون الوجوب الذي من تركه أثم بل يريدون الوجوب الذي هو على سبيل التأكيد والاستحباب والأفضلية.