ثم قال رحمه الله:
ويكثر الدعاء.
أي أنه ينبغي على المسلم بالذات يوم الجمعة أن يتحرى كثرة الدعاء بأن يكون دعائه يوم الجمعة أكثر من دعائه في غير هذا اليوم.
وعلة هذا: أن في الجمعة ساعة إجابة فإذا أكثر من الدعاء صار أقرب أن يصيب هذه الساعة.
والدليل على أن في الجمعة ساعة إجابة: الحديث الصحيح: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل خيراً إلا أعطاه الله أياه).
وفي الحديث مسألة قائم يصلي - هذا في البخاري.
فإذا كان في يوم الجمعة ساعة تعتبر ساعة إجابة يجيب الله سبحانه وتعالى فيها دعاء العبد أدى ذلك إلى أن الإنسان يكثر من الدعاء لعله أن يصيب هذه الساعة.
واختلف العلماء في تحديد هذه الساعة اختلافاً كثيراً ومتشعباً ومتنوعاً وذكر الحافظ ابن حجر نحواً من أربعين قولاً في الفتح.
ونقتصر على قولين هما أصح هذه الأقوال:
= القول الأول: وهو الذي ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله أنها آخر ساعة من العصر. لما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تحروها آخر ساعة من العصر). قال الإمام أحمد رحمه الله: وأكثر الأحاديث على أنها بعد صلاة العصر.
وتقدم معنا أن الإمام أحمد رحمه الله من أهل الاستقراء التام وإذا كان يقول أن أكثر الأحاديث على أنها بعد صلاة العصر فهذا له وزنه الثقيل باعتبار أن الإمام أحمد رحمه الله حافظ بل إنه - كما تقدم معنا - قيل: أنه أحفظ الأئمة.
وعلى كل حال هو من الحفاظ الذين يستقرئون الأحاديث ويتتبعونها فلكلمته هذه وزن ثقيل جداً عند من يعرف هذه الصنعة.
= والقول الثاني: أن ساعة الإجابة من صعود الإمام إلى انتهاء الصلاة. وهذا أيضاً ثابت في صحيح مسلم.
فينبغي على الإنسان أن يتحرا هاتين الساعتين بالدعاء والابتهال والتضرع.
•
ثم قال رحمه الله:
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
الدليل على أن الجمعة يخص بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
- قوله صلى الله عليه وسلم: (أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة).