- الدليل الثالث: لأن لا يتأذى به الناس من جهة ولأن لا تهتك حرمة هذا الميت من جهة أخرى.
فثبت بهذه الأدلة أن دفن الميت فرض كفاية فهو عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه سبحانه وتعالى فإن تركوها أثموا.
ثم بدأ المؤلف رحمه الله بالكلام التفصيلي على مسألة الغسل بالذات لأن الفصل مخصص للغسل وسيخصص فصلاً آخر للتكفين والصلاة ... إلى آخره.
• قال رحمه الله:
وأولى الناس بغسله: وصيه.
(الناس: مضبوطة بالضم عندكم [طبعة الهبدان ص ١٢٥] وهي بالكسر).
معنى أولى الناس يعني: أحق الناس بغسل الميت من سيذكرهم المؤلف رحمه الله.
= أحق الناس بالغسل عند الحنابلة: الوصي.
فإذا وصى الميت أن يغسله فلان فهذا أحق الناس وأولى من والد المتوفى وابنه وأخيه وكل الناس.
وهذه من مفردات مذهب الإمام أحمد.
واستدل بدليلين:
- الأول: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أوصى أن تغسله زوجته. وهذا مرسل لكن مقبول في هذا الباب.
- الثاني: أن أنس رضي الله عنه أوصى أن يغسله ابن سيرين رحمه الله. وهذا إسناده صحيح.
وبهذا استدل الإمام أحمد وهناك تعليل وهو:
- أن الميت لم يوص إلا بمن يرى أنه سيقوم بالأمر على الوجه الأكمل.
= القول الثاني: مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي - الجمهور أن العصبات مقدمون على الأوصياء.
واستدلوا على هذا بأنهم:
- أولى وأحق بالصلاة فكذلك بالغسل.
والصواب مع الإمام أحمد لأنه يستدل بآثار عن الصحابة وأولئك يستدلون بعلل والعلل لا ترد الآثار الصحيحة. نعم مسألة أثر أبي بكر رضي الله عنه مرسل لكن المراسيل في مثل هذا الباب مقبولة إن شاء الله.
• ثم قال رحمه الله:
ثم أبوه ثم جده ثم الأقرب فالأقرب من عصباته.
= ترتيب الأحق بغسل الميت عند الحنابلة كما ذكره المؤلف - على ثلاثة جهات.
- الجهة الأولى: الأبوة. يعني: الأب وإن علا.
- والجهة الثانية: - لم يذكره المؤلف فكان من الأنسب كغيره من الحنابلة أن يقول: ثم أبوه ثم جده ثم ابنه ثم الأقرب فالأقرب - نقول: البنوة: الابن وإن نزل.
- الجهة الثالث: باقي العصبات.
ومن الطبيعي أنا سنبدأ بباقي العصبات بمن: بالأخ.
وترتيب باقي العصبات حسب ترتيبهم في الإرث.
دليل الحنابلة على تقديم الأبوة على البنوة: