وإن سقط من دابته، أو وجد ميتاً ولا أثر به ... غسل وصلي عليه.
إذا سقط من دابته فمات أو وجد ميتاً ساقطاً على الأرض ولا أثر عليه ولو كان في أرض المعركة ولو كان في الوقت الذي تدور فيه المعركة فإنه يغسل ويصلى عليه.
وهذا باتفاق الأئمة كلهم إلا الشافعي.
والدليل على ذلك:
- أن الذي لا يغسل ولا يصلى عليه هو من باشر الكفار قتله. وأما هذا فلم يباشر الكفار قتله وليس عليه أثر القتل.
وفهم من قول المؤلف رحمه الله: ولا أثر به. أنه إن وجد ميتاً قريباً من المعركة وفيه آثار من سيف أو رمح أو سهم فإنه يعتبر شهيداً ولا يغسل ولا يصلى عليه.
وهذا صحيح: لأن الغالب أن هذا الرجل الذي مات بقرب المعركة وهو من جنود المسلمين في وقت دوران المعركة أن موته بسبب إصابة الكفار والإسلام يبني الأحكام غالباً على الظاهر والظاهر أنه قتله الكفار.
• ثم قال رحمه الله:
أو حُمِلَ فَأَكَلَ، أو طال بقاؤُه: غسل وصلي عليه.
إذا حمل من المعركة وإن كان جرح جرحاً بليغاً يؤدي غالباً إلى الوفاة لكنه بقي على قيد الحياة وحمل وبعد أن حمل أكل فإنه لا يعتبر في باب الغسل والصلاة من الشهداء وإن كان - إن شاء الله - عند الله شهيد لَكِنَّ من هذا حاله يغسل ويصلى عليه.
وكذلك إذا نقل وطال الوقت بين نقله من المعركة وبقائه حياً - طال الوقت عرفاً - فكذلك يغسل ويصلى عليه.
الدليل على هذه الأمور: من وجهين:
- الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل وصلى على سعد بن معاذ مع أنه مات بأثر جرح وقع في المعركة.
- الثاني: أنه إذا أكل دل ذلك على أن فيه حياة مستقرة.
فلهذين الدليلين نقول أن من أكل أو نقل وبقي وقتاً طويلاً حياً فإنه يغسل ويكفن ولا يعامل في هذا الباب معاملة الشهيد لما ذكرت من أدلة.
* * مسألة: إذا نقل فشرب ولم يأكل: - يعني: استطاع أن يشرب ولم يستطع أن يأكل -:
= فعند الحنابلة في قول كذلك: لا يعامل معاملة الشهيد في باب الغسل والصلاة.
= والقول الثاني: - الذي رجحه المرداوي وغيره من محققي الحنابلة - أنه ليس كذلك. بل إذا نقل فشرب ثم مات لا يغسل ولا يصلى عليه لأن القتيل أو المجروح قد يشرب وهو في سياق الموت ولكن لا يمكن أن يأكل وهو في سياق الموت.