والصواب: أنه يقول هذا الدعاء أو يقول غير هذا الدعاء باعتبار أنه ليس في الباب آثار صحيحة لا عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
•
ثم قال - رحمه الله -:
ويسلم واحدة عن يمينه.
= مذهب الحنابلة: أن المشروع والمسنون والمستحب في حق المصلي صلاة الجنازة أن يسلم واحدة فإن سلم تسليمتين فهو مباح أو مكروه على خلاف بين الحنابلة - يعني لا يسن ولا يشرع.
واستدلوا على هذا:
- بأن الإمام أحمد - رحمه الله - قال: عن ستة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يعلم مخالف إلا إبراهيم.
- وسئل الإمام أحمد - رحمه الله - في موضع آخر: هل تحفظ عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سلم تسليمتين؟ فقال: لم يصح عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سلم تسليمتين.
ولذلك استنبط ابن قدامة من هذه العبارة أن التسليمة الواحدة محل إجماع عند الصحابة ومحل إجماع عند التابعين إلا عن إبراهيم النخعي - الخلاف الذي حكاه الإمام أحمد - رحمه الله -.
وتقدم معنا: أن حكاية مثل الإمام أحمد - رحمه الله - لإجماع الصحابة أمر له ثقله الكبير بسبب عناية الإمام أحمد - رحمه الله - بآثار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثم مع ذلك:
= القول الثاني في هذه المسألة: أنه يسلم المصلي تسليمتين. يعني: أن المشروع والمستحب أن يسلم تسليمتين ويجوز أن يسلم تسليمة. عكس مذهب الحنابلة.
واستدلوا على ذلك:
- بحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم في صلاة الجنازة كما يسلم في الصلاة.
والراجح: بلا إشكال إن شاء الله مذهب الحنابلة. بل إن ابن المبارك - رحمه الله - قال: من سلم تسليمتين فهو جاهل.
إذاً الصواب إن شاء الله مع الحنابلة وهو: أن المشروع في صلاة الجنازة تسليمة واحدة ويجوز أن يسلم تسليمتين وإنما المشروع والمندوب والمنقول عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن التابعين أن يسلم الإنسان تسليمة واحدة.