ـ المسألة الأخيرة: لايشرع كشف وجه الرجل لأنه ليس في الآثار أن الصحابة كانوا بعد التكفين إذا وضعوه في اللحد كشفوا وجهه والأصل أن يبقى كما هو إلا في مسألة واحدة على القول بأن المحرم يحرم عليه أن يغطي وجهه فيبقى وجه الميت المحرم مكشوفاً بالإضافة إلى الرأس.
وعلى القول السابق الذي ذكرته لكم ورجحته وتبين لي ضعف هذه الرواية وأنها شاذة فيغطى وجه الميت المحرم أيضاً وإنما يكشف فقط الرأس.
• ثم قال - رحمه الله -:
ويكره لهم فعله للناس.
يعني يكره لأهل الميت أن يصنعوا هم للناس طعاماً.
الدليل على هذا من وجهين:
- الأول: ما روي عن جرير أنه قال: كنا نعد صنع الطعام والجلوس لأهل الميت من النياحة.
- الثاني: أن هذا يؤدي إلى اجتماع الناس والاجتماع لا يستحب.
- الثالث: أنه لم ينقل أن أهل الميت كانوا يصنعون للناس طعاماً في العهد النبوي وإنما العكس طلب من غير أهل الميت أن يصنعوا طعاماً.
* * مسألة: استثنى الشيخ الفقيه ابن قدامة من هذا صورة وهي: ما إذا جاء أقارب أهل الميت من بلد بعيد وسكنوا كضيوف قال: فإنه لا يسعهم عرفاً إلا أن يصنعوا لهم طعاماً.
وهذا القول وجيه جداً. وهذا الطعام المصنوع في الحقيقة ليس لأجل الاجتماع للعزاء بقدر ما هو إكرام للضيوف الأقارب الذين حضروا لتعزية أهل الميت بدليل أن هذا الطعام يصنع لهؤلاء ولا يصنع لسائر الناس.
فأقول: أن ما ذكره الشخ ابن قدامة - رحمه الله - وجيه ولا بأس به وإن كان قد يفتح باباً لكن الأصل أنه لا بأس به إذا تقيدوا بهذا القيد وهو أن يأتي إليهم ضيوف يسكنون عندهم فيحرجون منهم عرفاً فيكرمونهم فلا بأس بهذا القدر إن شاء الله.