- وأجابوا بجواب آخر وهو: أنها قالت: أنها زارت أخاها لأنها لم تحضر موته وإلا لم تفعل ففي هذه العبارة منها دليل أنها ترى المنع لولا أنها لم تحضر الجنازة.
- الدليل الثاني: الحديث الذي سبق معنا وفيه خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - واستغفاره لأهل قباء وفي آخره قالت عائشة للنبي - صلى الله عليه وسلم - كيف أقول لهم: يعني للموتى فأخبرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغة الدعاء الذي سيأتينا.
وهذا الحديث ثابت في الصحيح.
والجواب عنه من وجهين: - الوجه الأول: أن يحمل هذا على أنها أرادت العلم لنشره لا للعمل به في هذه المسألة يعني: أرادت أن تعرف أحكام الزيارة لتنشر هذا العلم باعتبار أن عائشة - رضي الله عنها - من علماء الصحابة ولها فتوى معتبرة فأرادت أن تطلب العلم فقط.
- والوجه الثاني: أنها أرادت بذلك - يعني: إذا مرت من غير قصد.
وإذا سمعت الأقوال عرفت أنه لا قائل بأن زيارة النساء سنة وإنما مكروهة أو محرمة أو مباحة فقط فلا أعلم أن أحداً من أهل العلم قال بأن زيارة النساء سنة.
والأقرب والله أعلم فيما يظهر القول الأول.: - لأنه يغلب على النساء عند زيارة القبور الوقوع في المحرم والمنهي عنه من البكاء والجزع وعدم الصبر.
- والحكم إذا علل بعلة منتشرة لا تنضبط منع كاملاً.
- ومما يدل على التحريم: - مما يقوي القول بالتحريم: حديث أم عطية: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) فإذا كانت المرأة منهية عن اتباع الجنازة فمن باب أولى الزيارة.
وعلى كل الأقرب المنع وإن كان الأمر كما قلت فيه إشكالات وفيه بحث من جهة تكافؤ الأقوال والأدلة ولكن الأقرب هو ما ذكرت من المنع وهو اختيار عدد كبير من المحققين المعاصرين والمتقدمين.
* * مسألة: فإذا قيل أن الزيارة محرمة: فالصواب أنه يستوي في ذلك زيارة قبور سائر الناس وزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ لايوجد في الأدلة أبداً ما يدل على التفريق فزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره سواء.
بناء على هذا لا يجوز للمرأة أن تزور قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا قبر صاحبيه أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -.