للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان عندي تردد كثير في هذه المسألة منذ زمن والآن تبين لي بوضوح أن غسل المسترسل ليس بواجب الدليل: الذي ساعد على الترجيح: أخرج البخاري في صحيحة عن ابن عباس - وصف وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان في قوله - أن قال ثم أخذ كفاً من ماء وغسل وجهه وتقدم معنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كث اللحية حتى أنه بعض المأمومين يرى لحيته - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ القرآن من خلفه وإذا كانت لحيته كثه - صلى الله عليه وسلم - ولم يأخذ لها إلا كفاً واحدة للوجه فإن هذه الكف لا تستوعب غسل جميع ما استرسل هذا الدليل الأول.

الدليل الثاني: أن ما استرسل من اللحية خارج محل الفرض فإن الله أمرنا أن نغسل الوجه وتقدم معنا تحديد الوجه كما جاء في كتب أهل اللغة ومن المعلوم أن الخارج عن اللحين خارج عن محل الفرض.

فلهذا أرى أنه لا يجب على الإنسان أن يغسل ما استرسل من اللحية ولكن لا شك أن الإحتياط أن يغسل الإنسان ما استرسل من لحيته احتياطاً وتطبيقاً للسنة.

• ثم قال:

ثم يديه مع المرفقين.

تقدم معنا البحث في مسألة يديه مع المرفقين وكيف دخل المرفقان في حد اليد مع أن إلى في لغة العرب لا يدخل ما بعدها فيما قبلها.

• ثم قال - رحمه الله -:

ثم يمسح كل رأسه مع الأُذنين مرة واحدة.

بين في مسألة مسح الرأس ثلاث قضايا:

الأولى: استيعاب الرأس. وهذا يؤخذ من قوله: كله.

الثانية: أنه يمسح مرة واحدة. فقد نص على أنها مرة واحدة في قوله: مرة واحدة.

الثالثة: أنه يمسح مع الرأس الأذنين.

ففي هذه الجملة - الخمس كلمات - بين حكم ثلاثة مسائل.

أولاً: السنة أن يمسح الإنسان على رأسه مرة واحدة لأنه لم يحفظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على رأسه أكثر من مرة وأي حديث يمر بك في أي كتاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح أكثر من مرة فاعلم أنه شاذ أو ضعيف.

شاذ: يعني أن يكون رواية لحديث صحيح.

أو ضعيف: أي أن يكون برأسه حديث مستقل ولكنه ضعيف. فلا يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقاً أنه مسح أكثر من مرة.

ثانياً: أن يستوعب الرأس. تقدم معنا الخلاف في حكم استيعاب الرأس وأن الصواب هو مذهب الحنابلة وهو وجوب استيعاب جميع الرأس بالمسح لأن الباء في الآية للإلصاق والإلصاق يعني استيعاب الرأس مسحاً. - فهذا تقدم معنا -.

<<  <  ج: ص:  >  >>