ثم يكون التنصيص على الفقير والمسكين والعامل والمؤلفة والغارم لا معنى له مطلقاً لأن هذه جميعاً تدخل في سبيل الله وغيرها من بناء الجسور وتمهيد الطرق والحج وغيره فصارت الآية لا معنى لها ولا مفهوم ولذلك لم يذهب إلى هذا القول أحد من الأئمة المتقدمين سوى بعض الأحناف وأولع به بعض المعاصرين وصار يتبناه وهو قول فيما أرى ضعيف بل ضعيف جداً.
• ثم قال - رحمه الله -:
وهم الغزاة المتطوعة الذين لا ديوان لهم.
قوله: (وهم الغزاة) يدل على أنه يجب أن نعطي المجاهد في سبيل الله المال مباشرة ولا يجوز أن نشتري له فرساً أو آلة حرب.
الدليل:
- أنا إذا أعطيناه الفرس فقد أعطيناه فرساً ولم نعطه الزكاة. قال الإمام أحمد: آتاه فرساً ولم يؤته الزكاة. والواجب أن يؤتيه الزكاة.
= القول الثاني: أنه يجوز للإنسان أن يشتري بماله الزكوي ما يتعلق من آلاته ووسائل النقل الخاصة به التي تستعمل فيه أي في الحرب ثم يعطيها المجاهدين أو يرسلها للثغور.
واستدلوا على هذا:
- بأن من اشترى بزكاته آلة الحرب فقد صرف الزكاة في سبيل الله أي في الجهاد.
وهذا القول الثاني إن شاء الله هو الأقرب وإن كان القول الأول أحوط. لكن القول الثاني هو الراجح.
ومن أسباب ترجيحه أن الله تعالى قال: - (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ).
فعبر بفي ولم يعبر باللام.
واللام: هي التي تقتضي التمليك.
وفي: تقتضي أن يبذل مال الزكاة في هذه الجهة.
ومن اشترى آلة حرب وأرسلها للمجاهدين فقد بذل هذا المال في هذه الجهة.
ولهذا نقول أن الثاني إن شاء الله أرجح لكن الأول أحوط باعتبار أنه إذا أعطى المجاهد المال مباشرة فقد أخرج الزماة في مصرفه بإجماع أهل العلم.
وقوله: (وهم الغزاة المتطوعة) قوله وهم الغزاة لم يقيد هذا بأن يكونوا فقراء فيجوز أن تعطي المجاهد ولو كان غنياً ولو كان يستطيع أن يجهز نفسه.
= وإلى هذا ذهب الجماهير: أنه يجوز أن نعطي المجاهد ولو كان غنياً.
واستدلوا على هذا:
- بأن الآية عامة: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) ومن أعطاها مجاهداً غنياً فقد بذلها في سبيل الله.