فالإنسان الذي في بلده يريد أن يسافر ولو كان فقيراً ولو كان سيسافر لحاجة مهمة فإنه لا يجوز أن عطيه.
الدليل: الدليل: - أن المتبادر من إطلاق ابن السبيل: الغريب. ومن كان في وطنه فهو في وطنه وليس غريباً.
- ثانياً: أن قوله: (ابن السبيل) تعني: من يلازم السبيل أي الطريق ومن كان في بلده فليس كذلك.
مسألة: علم من التعريف أن من كان مسافراً ويريد أن يسافر إلى بلد غير بلده ثم يرجع إلى بلده فإنه لا يعطى من الزكاة إنما الذي يعطى من أراد أن يرجع إلى بلده.
فإن كان يريد أن يذهب من البلد التي هو فيها إلى بلد آخر ثم يرجع إلى بلده فإنه لا يعطى.
= وإلى هذا ذهب بن قدامة ونصره.
واستدل على هذا:
- بأن النص إنما جاء بإعطاء من يريد أن يرجع إلى بلده لحاجته أما من يريد أن يذهب إلى بلد آخر ثم يرجع إلى بلده فلا يدخل في هذا المصرف.
= القول الثاني: - وهو وجه للحنابلة - أنه يجوز أن نعطي من كان هذا شأنه ليذهب إلى البلد التي يريد ثم يرجع إلى بلده إلا إذا كان ذهابه لتلك البلد على سبيل النزهة.
الدليل:
- لأن هذا الرجل يصدق عليه أنه ابن السبيل وكونه سيذهب إلى بلده أو سيذهب إلى بلد آخر ثم يرجع إلى بلده لا يرفع عنه أنه ابن سبيل لا سيما وأن سفره سيكون لحاجة لأنه اشترطنا أن لايكون سفره سفر نزهة.
ويبدو لي والله أعلم أن هذا القول - الثاني - أقرب لمقصود الشارع وهذا فيما يبدو لي مع العلم أن المسألة تحتمل البحث وما ذكره ابن قدامة قوي.
لأنا نقول: إذا كنت فقير إذهب إلى بلدك مباشرة وخذ من الزكاة لكن الذي يجعل الإنسان يرجح القول الثاني أنه قد يحتاج الإنسان إلى الذهاب إلى بلد آخر قبل أن يذهب إلى بلده إما لحاجة العلاج أو لأي حاجة لابد له منها فيعطى وحتى لا تكون المسألة شكلية لأنه إذا ذهب إلى البلد الآخر ثم أراد أن يرجع إلى بلده فسنعطيه عند جميع المذاهب.
فبقينا فقط في ذهابه من البلد الآخر إلى البلد الذي سيذهب منه إلى بلده فما دام أنه محتاج وفقير ولا يستطيع أن يسافر وهو منقطع الآن ولن يصل إلى بلده ويريد أن يذهب إلى بلد آخر ثم بلده فالأقرب والله أعلم أنه يعطى.
• ثم قال - رحمه الله -:
فيعطى قدر ما يوصله إلى بلده.