وكذلك يقال: أن الصدقة على الأشد حاجة أفضل من الأقل حاجة ولو كانت الحاجة ليست عامة لقوله تعالى: - (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) -[البلد/١٤] فنص على أن الإطعام في اليوم الشديد أحب إلى الله ولأن حاجة المسكين أشد في هذه الأحوال سواء كان حاجة خاصة كما قلت أو حاجة عامة كأن تنزل بالمسلمين نازلة عامة.
• ثم قال - رحمه الله -:
وتسن: بالفاضل عن كفايته ومن يمونه.
يعني أن الصدقة تكون سنة ومحبوبة إلى الله إذا تصدق الإنسان بما يزيد عن نفقته ونفقة من يمونهم. فحينئذ تكون مستحبة.
- لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنىً وابدأ بمن تعول).
ففي هذا الحديث دليل على أن الصدقة المستحبة إنما تكون بما زاد عن نفقته ونفقة من يمونهم ولا يريد المؤلف في هذه العبارة أن يبين حكم النقص من النفقة للصدقة فإن هذا سيذكره بالعبارة التالية لكنه يريد أن يبين أن الصدقة إنما تستحب في هذه الحال بأن تكون بالزائد عن حاجته ونفقته.
• ثم قال - رحمه الله -:
ويأثم بما ينقصها.
يُنَقِّصُهَا أو: ولعله الأقرب: يُنْقِصُهَا كما ضبطها شيخنا - رحمه الله -.
والمعنى قريب إن شاء الله.
إن تصدق بصدقة أدت إلى النقص في نفقته أو نفقة من يمونهم فهو آثم.
- لأنه قدم المستحب على الواجب. فإن نفقة الإنسان على نفسه وعلى من يجب عليه أن ينفق عليهم واجبة ولا يجوز للإنسان أن يقدم المستحب على الواجب.
- ويستدل لهذا أيضاً بما نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول).
فهذا الحديث دليل على أنه لايجوز للإنسان أن يضيع من يعول بأن ينفق نفقة تنقص من الواجب لهم.
- ويدل على ذلك أيضاً أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عنده دينار يريد أن يتصدق به فقال: (تصدق به على نفسك) فقال عندي آخر فقال: (على ولدك) فقال عندي آخر فقال: (على زوجك) فقال عندي آخر فقال: (على خادمك) فقال عندي آخر فقال: (أنت أبصر). يعني ضعه حيث تشاء. فجعل الصدقة في المرتبة الرابعة أو الخامسة مما يدل على وجوب تقديم النفقات المذكورة في الحديث على صدقة التطوع.
- - مسألة: هل يجوز للإنسان أن يتصدق بكل ماله؟