- السبب الثالث: إذا كانت ليلة الثلاثين فيها غيم أو قتر. فيجب الصيام حينئذ عند الحنابلة وسيأتينا الآن قريباً تفصيل هذه المسألة وذكر الخلاف والراجح فيها. لكن المقصود الآن أن يتصور الإنسان الأسباب الثلاثة عند الحنابلة التي توجب على المسلمين الصيام وأن السبب الأول والثاني محل إجماع وأن الثالث محل خلاف سيأتي الكلام عليه.
• ثم قال - رحمه الله -:
فإن لم ير مع صحوٍ ليلة الثلاثين: أصبحوا مفطرين.
وذلك لعدم استنادهم على ما يوجب الصيام شرعاً. لأنه إذا لم ير مع الصحو إذاً لم يهل ولا يجوز للإنسان أن يصوم إلا بموجب شرعي.
وإذا تأملت تجد هذه الصورة التي ذكرها المؤلف تخرج عن الأسباب الثلاثة.
• ثم قال - رحمه الله -:
وإن حال دونه غيم أو قتر: فظاهر المذهب يجب صومه.
إذا حال بين الناس وبين رؤية القمر غيم أي: سحب أو قتر يعني: غبار وذلك ليلة الثلاثين من شعبان فإنه:
= يجب عند الحنابلة أن يصوم الناس.
واستدل الحنابلة لهذا الحكم بأدلة:
- الأول: أنه يجب الصيام احتياطاً.
- الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فإن غم عليكم فاقدروا له). قالوا ومعنى (فاقدروا): يعني: ضيقوا وإذا ضيقنا شعبان صار تسعة وعشرين يوماً. فنصوم بناء على هذا من الغد.
- الثالث: أنه صح أن ابن عمر - رضي الله عنه - كان يصوم في يوم الغيم.
إذاً استدل الحنابلة بثلاثة أدلة.
= القول الثاني: أنه لا يجب الصيام. بل إما أن يكون مباحاً أو مستحباً. لكنه لا يجب.
والقول: بأنه لا يجب. وهو إما مباح أو مستحب: كل هذه الأقوال نسبت لشيخ الإسلام أنه - رحمه الله - قال: مباح وأنه قال مستحب. فكأن له في هذه المسألة أكثر من قول.
واستدل:
- بأنه لم ينقل عن الصحابة أبداً الوجوب ولا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
= القول الثالث: أن الصيام في هذا اليوم محرم. لدليلين:
- الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من صام يوم الشك فقد عصا أبا القاسم) ويوم الشك هو ليلة الثلاثين من إذا حال بين الناس وبين رؤية القمر سحاب أو قتر.
- الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين). ومن صام هذا اليوم فقد تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين حسب الواقع.