أي أن هذا الأعرابي أخذ الطعام لا على أنه كفارة وإنما على أنه صدقة لأهله.
وإذا كان الرجل أخذ هذا الطعام لا على أساس أنه كفارة ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكفر لا حقاً دل هذا على سقوط الكفارة.
والحنابلة يرون والإمام أحمد أن الكفارة التي تسقط هي فقط كفارة الجماع في نهار رمضان دون الكفارات الأخرى - ككفارة القتل وكفارة الحج - فهذه الكفارات وغيرها لا تسقط عند العجز إنما الذي يسقط فقط هذه الكفارة لأنها التي دل النص فيها على السقوط.
= والقول الثاني: أن الكفارة تبقى في ذمته وكون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل له كفر فقد اكتفى بكونه قال له في صدر الحديث أعتق رقبة صم شهرين أطعم ستين مسكيناً فهذا الأمر يكفي في بقاء الكفارة في ذمته وكونه أعطاه هذا التمر صدقة لأهله لحاجته لا يعني أنه لا تجب عليه الكفارة.
- - مسألة: قوله: فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
كيف يكون هذا الأعرابي لا يستطيع وهويصوم رمضان؟
الجواب على هذا: أن هذا الأعرابي قال كما تقدم: وهل وقعت فيما وقعت فيه إلا من الصيام وهل أوتيت إلا منه - الالفاظ مختلفة.
فدل على أن هذا الرجل لا يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين بدون أن يقع في الجماع فاعتبر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا عذراً.
فنقول لمن لا يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين خشية الوقوع في الجماع أن هذا عذر كما عذر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الأعرابي ويجوز له بناء على هذا أن ينتقل إلى الخصلة الثانية وهي الإطعام.
وفي مثل هذه الأمور يدين الإنسان فلو قال لا أستطيع أن أصوم لمرض أو لشدة الرغبة في الجماع فهذا شيء بينه وبين الله سبحانه وتعالى يدين فإن كان صادقاً سلم وإن كان كاذباً أثم.