للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترى أنك لو سميت رجلا بقران مخفف الهمزة لم تصرفه في المعرفة كما لا تصرف عثمان، ولو أردت به فعالا من قرنت لا تصرفه في المعرفة ولا النكرة، وذكر ذلك أبو علي في المسائل الحلبية، هذا آخر ما ذكره الواحدي.

وأول ما نزل من القرآن: أول سورة اقرأ وهو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق:١: ٥) } إلى هنا ثبت في صحيح مسلم. ووقع في أول صحيح البخاري إلى قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} وهو مختصر، والزيادة من الثقة مقبولة، وقيل: أول ما نزل {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (المدثر:١) وهو غلط، والصواب أنه أول ما نزل بعد فترة الوحي كما ثبت في الصحيحين، وقد بينته في أول الشرح لصحيحي البخاري ومسلم، وآخر ما نزل من السور براءة ومن الآيات {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} (البقرة: من الآية٢٨١) الآية، وقيل: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} (النساء: من الآية١٧٦) إلى آخرها، وقيل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} (التوبة: من الآية١٢٨) إلى آخر الآيتين، وقيل: آية الربا.

وأما الأقراء في العدة، فقال أهل اللغة: القرء، والقرء بفتح القاف وضمها لغتان حكاهما القاضي عياض وأبو البقاء في إعرابه وغيرهما، أشهرهما الفتح وهو الذي قاله جمهور أهل اللغة واقتصروا عليه وممن حكى اللغتين في قرء، وقرء الخطابي في معالم السنن في كتاب الحيض في أول أبواب المستحاضة وجمعه في القلة أقراء وفي الكثرة قروء.

قال الإمام الواحدي: هذا الحرف من الأضداد، يقال للحيض والأطهار قرء، والعرب تقول: أقرأت المرأة في الأمرين جميعًا، وعلى هذا يونس وأبو عمرو بن العلاء وأبو عبيد أنها من الأضدادن وهي في لغة العرب مستعملة في المعنيين جميعًا وكذلك في الشرع، ومن هذا الاختلاف في اللغة وقع الخلاف في الأقراء بين الصحابة وفقهاء الأمة، فعند علي وابن مسعود وأبي موسى الأشعري ومجاهد ومقاتل وفقهاء الكوفة: أنها الحيض. وعند زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة ومالك والشافعي وأهل المدينة: أنها الأطهار. وهذا الخلاف فيما ذكر منها في العدة فأما كونه حيضًا وطهرًا، وإن اللفظ صالح لهما جميعًا فمما لا يختلف فيه أحد.

وأصل هذا اللفظ واشتقاقه مختلف فيه أيضًا. قال أبو عبيد: أصله من دنو وقت الشيء، وروى الأزهري عن الشافعي: أن القرء إسم للوقت، فلما كان الحيض يجيء لوقت والطهر يجيء لوقت، جاز أن تكون

<<  <  ج: ص:  >  >>