للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد بعد الفيل بعشر سنين، أسلم عبد الرحمن قديمًا قبل دخول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم، وهو أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبى بكر، وأحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجنة، وأحد الستة الذين هم أهل الشورى الذين أوصى إليهم عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، بالخلافة، وقال: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توفى وهو عنهم راض.

وكان من المهاجرين الأولين، وهاجر الهجرتين إلى الحبشة، ثم إلى المدينة. وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين سعد بن الربيع، وشهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد. وبعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى دومة الجندل إلى بنى كلب وعممه بيده، وسدلها بين كتفيه، وقال: “إن فتح الله عليك فتزوج ابنة ملكهم”، أو قال: “شريفهم”، فتزوج بنت شريفهم الأصبغ، وهى تماضر، فولدت له أبا سلمة.

ومن مناقب عبد الرحمن التى لا توجد لغيره من الناس، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى وراءه فى غزوة تبوك حين أدركه وقد صلى بالناس ركعة، وحديثه هذا فى صحيح مسلم وغيره، وقولنا: لا يوجد لغيره من الناس احتراز من صلاة النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلف جبريل حين أعلمه بالمواقيت.

وجرح عبد الرحمن يوم أُحُد إحدى وعشرين جراحة، وجرح فى رجله، وسقطت ثنيتاه، وكان كثير الإنفاق فى سبيل الله تعالى، أعتق فى يوم أَحد وثلاثين عبدًا. رُوى له عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة وستون حديثًا، اتفقا منها على حديثين، وانفرد البخارى بخمسة. روى عنه ابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأنس، وجبير بن مطعم، وغيرهم من الصحابة، وخلائق من التابعين، منهم بنوه إبراهيم، وحميد، ومصعب بنو عبد الرحمن.

وفى الحديث عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن عبد الرحمن بن عوف أمين فى السماء، أمين فى الأرض. وكان كثير المال، محظوظًا فى التجارة. قيل: إنه دخل على أم سلمة، فقال: يا أمه، خفت أن يهلكنى كثرة مالى، قالت: يا بنى أنفق.

وعن الزهرى، قال: تصدق عبد الرحمن على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشطر ماله أربعة آلاف، ثم بأربعين ألفًا، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم تصدق بخمسمائة فرس فى سبيل الله، ثم بخمسمائة

<<  <  ج: ص:  >  >>