سبق تمام نسبه فى ترجمة أبيه، وهو مدنى سمع أباه، وعلى بن أبى طالب، وابن عمر. روى عنه مجاهد، وأبو إسحاق السبيعى، وعبد الملك بن عمير، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث. توفى سنة ثلاث ومائة.
٥٧٨ - مصعب بن عمير الصحابى، رضى الله عنه:
مذكور فى المهذب فى الكفن، وأول الفرائض، هو أبو عبد الله مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب بن مرة القرشى العبدرى. كان من فضلاء الصحابة وخيارهم، ومن السابقين إلى الإسلام، أسلم ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى دار الأرقم، وكتم إسلامه خوفًا من أمه وقومه، وكان يختلف إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سرًا، فبصر به عثمان بن طلحة العبدرى يصلى، فأعلم به أمه وأهله فحبسوه، فلم يزل محبوسًا إلى أن هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة بعد العقبة الأولى ليعلم الناس القرآن ويصلى بهم، بعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع الاثنى عشر أهل العقبة الثانية ليفقه أهل المدينة ويقرئهم القرآن، فنزل على أسعد بن زرارة، وكان يسمى بالمدينة المقرى.
قالوا: وهو أول من جمع الجمعة بالمدينة، وأسلم على يديه سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وكفى بذلك فضلاً وأثرًا فى الإسلام. قال البراء بن عازب: أول مَن قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير، ثم عمرو بن أم مكتوم، ثم عمار بن ياسر، وسعيد بن أبى وقاص، وابن مسعود، وبلال، ثم عمر بن الخطاب، رضى الله عنهم.
وشهد بدرًا، وأُحُدًا، واستشهد بأحد ومعه لواء المسلمين، قيل: كان عمره أربعين سنة أو أكثر قليلاً، ويقال: نزل فيه وفى أصحابه قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ}[الأحزاب: ٢٣] الآية، وكان قبل إسلامه أنعم فتى بمكة، وأجوده خلة، وأكمله شبابًا وجمالاً وجودًا، وكان أبواه يحبانه حبًا كثيرًا، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب بمكة، وكان أعطر أهل مكة، ثم انتهى به الحال فى الإسلام إلى أن كان عليه بردة مرقوعة بفروة.
وثبت فى الصحيحين عن خباب بن الأرت، رضى الله عنه، قال: هاجرنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نلتمس وجه الله تعالى، فوقع