للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقدى: كان أصل محمد من الجزيرة، وكان أبوه من جند أهل الشام، فقدم واسطًا، فولد بها محمد سنة ثنتين وثلاثين ومائة، ونشأ بالكوفة، وطلب الحديث، وسمع سماعًا كثيرًا، وجالس أبا حنيفة، وسمع منه، ونظر فى الرأى فغلب عليه وعُرف به وتقدم فيه، وقدم بغداد فنزلها، واختلف إليه الناس، وسمعوا منه الحديث، والرأى، وخرج إلى الرقة وهارون الرشيد فيها، فولاه قضاءها، ثم عزله، فقدم بغداد، فلما خرج هارون إلى الرى الخرجة الأولى أمره فخرج معه، فمات بالرى سنة تسع وثمانين ومائة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة.

ثم روى الخطيب بإسناده، عن محمد بن الحسن، قال: ترك أبى ثلاثين ألف درهم، فأنفقت خمسة عشر ألفًا على النحو واللغة، وخمسة عشر ألفًا على الحديث والفقه. وبإسناده عن الشافعى، قال: قال محمد بن الحسن: أقمت على باب مالك ثلاث سنين وكسرًا. قال: وكان يقول: إنه سمع لفظ أكثر من سبعمائة حديث، وكان إذا حدثهم عن مالك امتلأ منزله وكثر الناس حتى يضيق عليه الموضع، وإذا حدث عن غير مالك لم يجئه إلا اليسير من الناس، فقال: ما أعلم أحدًا أسوأ ثناء على أصحابه منكم، إذا حدثتكم عن مالك ملأتم علىَّ الموضع، وإذا حدثتكم عن أصحابكم إنما تأتون متكارهين. وبإسناده عن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، قال: كان لمحمد بن الحسن مجلس فى مسجد الكوفة وهو ابن عشرين سنة.

وبإسناده عن الشافعى، قال: ما رأيت سمينًا أخف روحًا من محمد بن الحسن، وما رأيت أفصح منه، كنت إذا رأيته يقرأ كأن القرآن نزل بلغته. وعنه قال: ما رأيت أعقل من محمد بن الحسن. وعنه قال: ما رأيت مبدنًا قط أذكى من محمد بن الحسن. وعنه قال: كان محمد بن الحسن إذا أخذ فى المسألة كأنه قرآن ينزل، لا يُقدِّم حرفًا ولا يؤخره. وعنه قال: كان محمد بن الحسن يملأ العين والقلب. وعنه قال: حملت عن محمد بن الحسن وقْرَىْ بختى كتبًا.

وعن يحيى بن معين، قال: كتبت الجامع الصغير عن محمد بن الحسن. وعن أبى عبيد: ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن. وعن إبراهيم الحربى، قال: قلت

<<  <  ج: ص:  >  >>