للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس يراد أفعل فعلا، فيكون المعنى تحية عليك.

قال النحاس في موضع آخر: إنما قالوا: سلام عليك في أول الكتاب لأنه ما ابتدىء به ولم يتقدمه ما يكون به معرفة، وجب أن يكون نكرة. وقالوا في الآخر: السلام عليك؛ لأنه إشارة إلى الأول، وقدموا السلام على الرحمة؛ لأن السلام اسم من أسماء الله تعالى. قوله: استلم الحجر الأسود. قال الهروي: قال الأزهري: استلام الحجر افتعال من السلام وهو التحية، كما يقال: افترأت السلام، ولذلك أهل اليمن يسمون الركن الأسود المحيا: معناه أن الناس يحيونه. وقال العتبي: هو افتعال من السلام، وهي الحجارة واحدتها سلمة، تقول: استلمت الحجر إذا لمسته، كما تقول اكتحلت من الكحل، هذا ما ذكره الهروي.

وقال الجوهري: استلم الحجر إما بالقبلة أو باليد، ولا يهمز؛ لأنه مأخوذ من السلام وهو الحجر، وبعضهم يهمزه. وقال صاحب المحكم: استلم الحجر واستلأمه قبله أو اعتنقه، وليس أصله الهمز. قال الواحدي في تفسير سورة هود في قوله سبحانه وتعالى: {قَالُوا سَلاماً} (هود: من الآية٦٩) قال سلام. قال: قال: أكثر ما يستعمل سلام بغير ألف ولام، وذلك أنه في مثل الدعاء، فهو مثل قولهم: خير بين يديك، لما كان في معنى المنصوب استخير فيه الابتداء بالنكرة، فمن ذلك قوله تعالى: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} (مريم: من الآية٤٧) وقوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد:٢٤) وقوله تعالى: {سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} (الصافات:٧٩) {سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} (الصافات:١٢٠) وغير ذلك، وجاء بالألف واللام في قوله تعالى: {وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} (طه: من الآية٤٧) قال: وقال الأخفش: ومن العرب من يقول: سلام عليكم، ومنهم من يقول: السلام عليكم، فالذين ألحقوا الألف واللام حملوه على غير المعهود، والذين لم يلحقوه حملوه على غير المعهود، وزعم أن فيهم من يقول: سلام عليكم فلا ينون، وحمل ذلك على وجهين، أحدهما: أنه حذف الزيادة من الكلمة كما تحذف من الأصل في نحو لم يك. والآخر: أنه لما كثر استعمال هذه الكلمة وفيها الألف واللام حذفا لكثرة الاستعمال كما حذفا من اللهم فقالوا لهم. وقرأ حمزة، قال: سلم بكسر السين. قال الفراء: وهو في معنى سلام، كما قالوا: حل وحلال وحرم وحرام؛ لأن التفسير جاء بأنهم سلموا عليه فرد عليهم، وأنشد:

كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح

<<  <  ج: ص:  >  >>