للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مررنا فقلنا آيه سلم فسلمت

فهذا دليل على أنهم سلموا فردت عليهم فعلى هذا القراءتان بمعنى. قال أبو علي: ويحتمل أن يكون سلم خلاف العدو والحرب؛ لأنهم لما تخلفوا عن طعام إبراهيم عليه السلام فنكرهم. فقال: سلم أي: أنا سلم ولست بحرب ولا عدو، فلا تمتنعوا من طعامي كطعام العدو.

قلت: فعلى هذا لا يكون قوله: سلم، جوابا لقولهم: سلامًا، بل حذف جواب ذلك للدلالة، فلما قعدوا عنده وأحضر الطعام فامتنعوا، قال: سلم والله تعالى أعلم.

قال أهل العلم: ويسمى السلام تحية، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (النساء: من الآية٨٦) قال بعض العلماء: سمي تحية؛ لأنه يستقبل به محياه وهو وجهه، وسلم بضم السين وفتح اللام معروف، وهو الدرجة والمرقاة، قاله في المحكم، قال: ويذكر ويؤنث، قال ابن عقيل:

يبنى له في السموات السلاليم

لا يحرز المرء أحجار البلاد ولا

احتاج فزاد الياء، هذا ما ذكره في المحكم. وقال الجوهري: السلم واحد السلاليم. وقال الهروي في قوله تعالى: {أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ} (الأنعام: من الآية٣٥) أي: مصعدا، وهو الشيء الذي سلمك إلى مصعدك، مأخوذ من السلامة. وقال أبو حاتم السجستاني في المذكر والمؤنث: السلم مذكر، وفي القرآن العزيز {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} (الطور: من الآية٣٨) قال: وقد ذكروا التأنيث أيضا عن العرب، قوله في الوسيط في بيع الأصول والثمار: اللفظ الثالث الدار ولا يندرج تحتها المنقولات كالرفوف المنقولة والسلاليم، كذا وقع السلاليم بالياء جمع سلم كما تقدم.

قال أهل اللغة: ويقال: سلمت الشيء إلى فلان فتسلمه أي: أخذه، وسلم فلان من كذا يسلم سلامة، وسلمه الله تعالى منه، والتسليم السلام، والتسليم للشيء والاستسلام له.

والاستسلام له الانقياد له وأسلم أمره إلى الله عز وجل أي: فوضه إليه، وأسلم دخل في دين الإسلام، وأسلمت زيدًا لكذا أي: خذلته، ويقال: تسالم القوم مسالمة وتسالما والسليم اللديغ.

قال أهل اللغة: في وجه تسميته بذلك قولان، أحدهما: التفاؤل بسلامته. والثاني: أنه أسلم لما به، والسلم الذي هو نوع من البيع معروف، ويقال فيه: السلف. قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: السلم والسلف واحد، ويقال: سلم وأسلم وسلف وأسلف بمعنى واحد، هذا قول جميع أهل اللغة، هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>