وأعلم أن الفقهاء يطلقون في كثير من كتب الفقه لفظ الشك على التردد بين الطرفين، مستويا كان أو راجحا، كقولهم شك في الحديث، أو في النجاسة، أو في صلاته، أو في طوفه، ونيته، وطلاقه وغير ذلك، وقد أوضحت ذلك في مواضع من شرح المهذب.
شهد: الشهيد المقتول في سبيل الله تعالى اختلف في تسميته شهيدًا، فقال النضر بن شميل سمي بذلك؛ لأنه حي، فإن أرواحهم شهدت وحضرت دار السلام، وأرواح غيرهم إنما تشهدها يوم القيامة. وقال ابن الأنبارى: لأن الله تعالى وملائكته عليهم السلام يشهدون لهم بالجنة. وقيل: لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد الله تعالى له من الثواب والكرامة. وقيل: لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه. وقيل: لأنه شهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله. وقيل: لأن عليه شاهدًا شهد بكونه شهيدًا وهو الدم، فإنه يبعث يوم القيامة وأوداجه تشخب دما. وحكى الأزهري وغيره قولا آخر: أنه سمي شهيدًا؛ لأنه ممن يشهد على الأمم يوم القيامة، وعلى هذا القول لا اختصاص له بهذا السبب.
وأعلم أن الشهيد ثلاثة أقسام، أحدها: المقتول في حرب الكفار بسبب قتالهم فهذا له حكم الشهداء في ثواب الآخرة وفي أحكام الدنيا، وهو أنه لا يغسل ولا يصلى عليه. والثاني: شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا، وهو المبطون والمطعون وصاحب الهدم والغريق، والمرأة التي تموت في نفاسها، والمقتول دون ماله وغيرهم ممن وردت الأحاديث الصحيحة بتسميته شهيدًا فهذا يغسل ويصلى عليه وله ثواب الشهداء، ولا يلزم أن يكون ثوابهم مثل ثواب الأول.
والثالث من غل في الغنيمة، وشبهه ممن وردت الآثار بنفي تسميته شهيدًا، إذا قتل في حرب الكفار فهذا له حكم الشهداء في الدنيا، فلا يغسل ولا يصلى عليه، وليس له ثوابهم الكامل في الآخرة.
شهر: الشهر واحد الشهور، وهو مأخوذ من الشهرة، يقال: شهرت الشيء أشهره شهرة وشهرًا أظهرته هذه اللغة المشهورة. ويقال أيضا: أشهرته حكاها الزبيدي في مختصر العين إذا أظهرته وأعلنته واشتهر أي: ظهر وشهرته تشهيرًا وشهر سيفه أي: سله، فسمي الشهر شهرا لشهرة أمره لحاجات الناس إليه في عباداتهم ومعاملاتهم وغيرها، ويقال: أشهرنا دخلنا في الشهر.