للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أن يكون الجزء أشرف بقية الأجزاء كما في إطلاق القافية على القصيدة في "المثال الثالث" إذ لا ريب أن القافية هي الأساس الذي تبنى عليه القصيدة، فهي إذن أشرف التفاعيل، وأولاها بالاعتبار فلا يجوز إطلاق أي جزء آخر من أجزاء البيت على القصيدة مجازا مرسلا. إذ ليس له من الاعتبار ما للقافية، وقد علمت أن هذه الشروط في الحالة الغالبة.

٧- الحالية: كما في قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} فليس المراد بالنعيم: معناه الحقيقي الذي هو "معنى المتعة" بقرينة الظرفية، إذ لا معنى لا يحل الإنسان في معنى من المعاني، وإنما المراد به: مكان النعيم أي "الجنة "وإذن فإطلاق النعيم على مكانه مجاز مرسل علاقته الحالية، إذ النعيم حال في الجنة -ومثله قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} ، أي خذوا لباسكم، فعبر عن اللباس بالزينة مجازا مرسلا" علاقته الحالية، لحلول الزينة في اللباس- والقرينة قوله: "خذوا، لأن الزينة لا تؤخذ- ومنه قوله الشاعر:

ألما على معنى وقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا بعد مربع١

يريد: ألما على فبر معن، أي أنزلا به- أطلق اللفظ وأراد المكان، إذ لا معنى لأن يحل إنسان بآخر، خصوصا إذا كان معدوما كما هنا.

٨- المحلية: كما في قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَه} ٢ فليس المراد من النادي: معناه الحقيقي الذي هو مكان الاجتماع لقرينة قوله: "فليدع" لاستحالة دعاء الأمكنة وإنما المراد: أهل النادي، وهم نصراؤه وعشيرته- ففي "ناديه" مجاز مرسل علاقته المحلية، إذ أن النادي محل لأهله يجتمعون فيه- ومثله قوله سبحانه: "واسأل أهل القرية" أي أهلها، ففيه كسابقه مجاز مرسل، علاقته المحلية، إذا أن القرية محل ساكنيها وقرينته استحالة سؤال الأماكن والأبنية- ومنه قولهم: أمليت القلم من الدواة، أي


١ "الغوادي" جمع غادية وهي السحابة تمر غدوة، والمربع المنزل والأحسن أن تكون اسما مأخوذا من أربعة والمعنى: سقتك الغوادي أربعة أيام متوالية أثر أربعة أخرى والغرض الدعاء بكثرة السقيا للقبر.
٢ نادى القوم مجتمعهم كالمنتدى.

<<  <  ج: ص:  >  >>