للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} أي وليدا، يئول أمره إلى هذه الحالة- بقرينة قوله: "ولا يلدوا" إذ لا يمكن أن يكون فاجرا في فجر ولادته.

١٢- المجاوزة كما في إطلاق لفظ "الرواية" على القربة في قولهم: "خلت الرواية من الماء" يريدون: خلت القربة- ومعنى الرواية في الصل: الدابة يستقى عليها، فليس المراد من الراوية حينئذ: المعنى الحقيقي الذي هو الدابة، بدليل قوله: "خلت" لأن الذي يخلو من الماء إنما هو الوعاء لا الحيوان، وإذن فالمراد به: القربة مجازا مرسلا، علاقته المجاورة الدابة للقربة عند الحمل.

ومنه قول الشاعر:

فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم

يريد: شككت بالرمح جسمه أي طعنته -فليس المراد من "الثياب" معناها الحقيقي، بقرينة قوله: "شككت"، إذ المراد بالشك: الطعن، وهو إنما يكون في الأجسام، لا في الثياب، فهو إذن مجاز مرسل علاقته المجاورة التامة وأي مجاورة أتم من الثياب للجسم؟ - ومما علاقته المجاورة: إطلاق اللفظ على المعنى، أو العكس، في نحو قولك: "فهمت اللفظ" وتريد: معناه، أو "قرأت المعنى" وتريد: اللفظ، وذلك لشدة الربط بين الدال والمدلول- ومنه إطلاق الظن على العلم، أو العكس لتقاربهما في المعنى. فهما متجاوران.

١٣- التقييد والإطلاق: هو أن يكون الشيء مقيدا فيطلق عن قيده كما في إطلاق "المشفر" على شفة الإنسان، في نحو قولك: "مشفر زيد يسيل دما" تريد: شفته- "فالمشفر" في الأصل للبعير خاصة، ثم أطلق عن هذا القيد، وأريد منه: مطلق شفة، فصح إطلاقه على شفة زيد، باعتبارها أحد أفراد هذا المطلق، فيكون مجازا مرسلا علاقته التقييد والإطلاق -ومثله إطلاق "المرسن" على أنف الإنسان- فالمرسن- في

<<  <  ج: ص:  >  >>