للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل: أنف الحيوان، إذ هو موضع الرسن منه/ ثم أطلق عن قيده، وأريد منه: مطلق أنف، فصح أطلاقه على أنف الإنسان، باعتباره أحد أفراد هذا المطلق، فهو -كذلك- مجاز مرسل علاقته التقييد والإطلاق.

هذا: ويصح في مثل هذين المثالين: أن تكون العلاقة المشابهة، وحيئنذ يكون اللفظ "استعارة" بأن شبه شفة فلان مثلا بمشفر البعير في الغلظ والتدلي، ثم يستعار لها لفظ "المشفر"- ومثل هذا يقال في "المرسن" فاللفظ الواحد قد يكون مجزا مرسلا واستعارة باعتبارين فغن اعتبرت العلاقة غير المشاهبة كان اللفظ مجازا مرسلا، وإن اعتبرت العلاقة المشاهبة كان اللفظ استعارة- والعبرة بقصد المتكلم وإرادته، فإن لم يعلم قصده: بأن لم تقم قرينة عليه احتمل اللفظ الأمرين.

إلى غير ذلك من علاقات المجاز المرسل، فهي لا تقف عند هذا العدد، وإنما أحصينا لك أشهرها، وأكثرها استعمالا.

وسمي مجازا مرسلا لأنه أرسل، أي أطلق عن التقيد بعلاقة واحدة، بل له علاقات عدة- كما رأيت- أو لأنه أرسل عن دعوى الاتحاد المعتبرة في الاستعارة إذ ليست العلاقة فيه بين المعنين المشابهة حتى يدعى اتحددهما- وإنما لم يسم "استعارة" مع أن اللفظ فيه منقول ومستعار من معناه الأصلي إلى المعنى المراد كما في الاستعارة- لأن هذه التسمية مجرد اصطلاح، قصد به: التفرقة بين نوعين من المجاز مختلفي العلاقة.

تشبيهان:

الأول: اعلم أن القصد من العلاقة في المجازر المرسل: أن يتحقق ارتباط بين الشيئين على أي وجه- فإطلاق الدال على لمدلول مثلا في قولك: "فمهت اللفظ" تريد: معناه هو مجاز مرسل، علاقه يصح أن تكون "المجاورة" على ما سبق- باعتبار أن الدال مجاور للمدلول- ويجوز أن تكون العلاقة المحلية، على اعتبار أن الدال محل للمدلول إذ الألفاظ -كما يقولون- قوالب للمعاني- وإطلاق الثياب على الجسم في قول الشاعر المتقدم: "فشككت" بالرمح الأصم ثيابه" ... مجاز مرسل،

<<  <  ج: ص:  >  >>