للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإنذار منزلة التناسب بينهما، ثم شبه الإنذار بالتبشير في إدخال السرور إلى النفس، وإن كان تنزيليا في المشبه، ثم استعير اسم البشارة للإنذار بعد تناسي التشبيه والادعاء، ثم اشتق من البشارة بمعنى الإنذار "بشر" بمعنى "أنذر" على سبيل الاستعارة التهكمية؛ وهي عنادية لأن التبشير والإنذار مما لا يجتمعان في شيء واحد, ومثله كذلك قوله تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} نزل التضاد بين "الهداية" التي هي الدلالة بلطف، وبين الأخذ بمجامع الشيء بقهر وعنف منزلة التناسب، ثم شبه الأخذ العنيف بالهداية، بجامع ما يترتب على كل من الخير، وإن كان تنزيليا في المشبه، ثم استعير لفظ "الهداية" للآخذ بالقسر والعنف، واشتق منه: "اهدوهم" بمعنى: جروهم بشدة وعنف على سبيل الاستعارة التهكمية، وهي عنادية لعدم تأتي اجتماع اللطف والعنف في شيء واحد، وهكذا.

تقسيم الاستعارة باعتبار الجامع:

الجامع: هو ما قصد اجتماع الطرفين فيه، وهو ما يسمى في التشبيه: وجه شبه، وإنما سمي جامعا لأنه جمع المشبه مع أفراد المشبه به تحت مفهومه، وأدخله في جنسه ادعاء. وهو لا بد أن يكون في المستعار منه أقوى؛ لأن الاستعارة مبنية على المبالغة في التشبيه، والمبالغة فيه تستوجب إلحاق المشبه بما هو أكمل منه في وجه المشبه -بخلاف الحال في التشبيه- كما علمت.

وللاستعارة باعتبار الجامع تقسيمان:

التقسيم الأول:

تنقسم الاستعارة بهذا الاعتبار قسمين: داخلة، وغير داخلة.

فالداخلة: ما يكون الجامع فيها داخلا في مفهوم الطرفين, المستعار له والمستعار منه: بأن يكون جزءًا من مفهوميهما كما في قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا}

<<  <  ج: ص:  >  >>