للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} فالمستعار منه "الظلمات والنور، وهما حسيان، والمستعار له "الضلال والهدى" وهما عقليان، والجامع في الأول عدم الاهتداء، وفي الثاني الاهتداء، وهما عقليان أيضا، والاستعارة فيهما لا تحتاج إلى بيان.

٦- استعارة معقول لمحسوس كما في قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} أي: لما كثر الماء, فالمستعار منه التكبر والتعالي، وهو عقلي، والمستعار له كثرة الماء، وهو حسي والجامع بينهما الخروج عن حد الاعتدال١، وهو عقلي, ومثله قوله تعالى: {فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} أي: شديدة، حتى جاوزت الحد, استعار "العتو" وهو عقلي لشدة الريح المفسدة، وهي حسية باعتبار متعلقها٢, والجامع عقلي، وهو مجاوزة الحد.

تقسيم الاستعارة باعتبار اللفظ المستعار:

تنقسم الاستعارة بهذا الاعتبار إلى قسمين: أصلية وتبعية.

فالأصلية: ما كان اللفظ المستعار فيها اسم جنس غير مشتق والمراد به: ما يصدق على كثيرين, سواء كان صدقه على الكثيرين حقيقة, أو تأويلا, وسواء كان اسم عين, أو ذات كالأسد، أو اسم معنى كالضرب والقتل.

فمثال اسم الجنس الحقيقي، وهو اسم عين لفظ "بحر" من نحو قولك: "رأيت بحرا يتحدث" تريد: رجلا عالما فحلا, فقد استعير لفظ "بحر" للرجل


١ شبه كثرة الماء كثرة جاوزت الحد بالتكبر المعبر عنه بالطغيان، ثم استعير اسم المشبه به وهو الطغيان للمشبه الذي هو كثرة الماء، ثم اشتق من الطغيان "طغى" بمعنى كثر كثرة جاوزت الحد وهكذا يقال في أشباه ذلك من كل ما كان فيه لفظ المشبه به مشتقا كما سيأتي بيانه بعد.
٢ أي: لا باعتبار ذاتها إذ هي معنى مصدري والمعاني المصدرية كما قلنا لا وجود لها خارجا, وإجراء الاستعارة فيها أن يقال: شبه الريح في هبوبها بالعتو والقسوة، ثم استعيد "العتو" لشدة هبوب الريح، ثم اشتق منه "عاتية" بمعنى شديدة

<<  <  ج: ص:  >  >>