للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فالقتل والإحياء" بمعناهما الحقيقي لا يقعان إلا على ذي روح، "والبخل والسماح" ليسا من ذوات الروح، فدل ذلك على أن المراد "بالقتل": معنى يناسب البخل، وهو الإزالة، وأن المراد "بالإحياء": معنى يناسب الجود، وهو "الإكثار"، وكأنه يقول: أزال البخل، وأكثر السماح١ ففي كل من "قتل" وأحيا" استعارة تبعية. قرينتها "البخل" في الأول و"السماح" في الثاني وكلاهما مفعول. وقد تكون القرينة المفعول الثاني، كما في قول القطامي من قصيدة:

نقريهمو لهذميات نقد بها ... ما كان خاط عليهم كان زراد٢

يقول: "نطعنهم طعنات نافذات، تقد الدروع، وتشق الضلوع, والشاهد: قوله: "نقريهمو" فهو استعارة تبعية تهكمية، قرينتها قوله: "لهذميات" وهو المفعول الثاني "لنقري", ذلك أن "القرى" في الأصل: تقديم الطعام للضيف, فلا يصح إيقاعه بهذا المعنى على "اللهذميات" التي هي الطعنات النافذات، أو الأسنة الماضيات, فعلم: أن المراد "بالقرى" معنى يناسب هذه الطعنات أو الأسنة، وهذا المعنى هو تقديمها إلى الأعداء عند اللقا وكأنه يقول: نقدم إليهم لهذميات نقد بها ... إلخ.

وقد تكون القرينة المفعولين معا، كما في قول الحريري:


١ شبه أولا إزالة البخل بالقتل بجامع ما يترتب على كل من العدم، ثم استعير القتل للإزالة واشتق منه قتل بمعنى أزال وشبه ثانيا الإكثار من الشيء بإحيائه بجامع شيوع المنفعة، ثم استعير "الإحياء" للإكثار، واشتق من "الإحياء" بمعنى الإكثار "أحيا" بمعنى أكثر على سبيل الاستعارة في الموضوعين.
٢ "نقريهمو" من القرى على زنة "إلى"، وهو تقديم الطعام إلى الضيف، و"اللهذميات" جمع لهذمية وهي الطعنة الواسعة نسبة إلى لهذم وهو السنان القاطع. و"القد" القطع و"خاط" بمعنى قدر على التضمين ولهذا عدى "بعلي"، و"الزراد" صانع الزرد بفتح الراء وهو الدرع, شبه تقديم الطعنات أو الأسنة عند اللقاء بالقرى بجامع أن كلا تقديم ما يصل من خارج إلى داخل، ثم استعير القرى لتقديم الطعنات أو الأسنة على سبيل الاستعارة التبعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>