للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قامت تظللني من الشمس ... نفس أعز علي من نفسي

قامت تظللني ومن عجب ... شمس تظللني من الشمس١

وقول الشاعر السابق٢:

لا تعجبوا من بلى غلالته ... قد زر أزراره على القمر٣

ففي الأول: استعار "الشمس" للإنسان ذي الوجه المشرق, وفي الثاني استعار "القمر" لهذا الإنسان, ثم تناسى التشبيه، وتناسى الاستعارة، وبنى الكلام على أن الشمس والقمر حقيقيان, ولولا أن ابن العميد ادعى لغلامه معنى الشمس الحقيقية: لما كان للتعجب معنى، إذ ليس بدعا أن يظل إنسان حسن الوجه إنسانا آخر، ويقيه بشخصه وهج الشمس, كذلك لولا أن أبا الحسن جعل صاحبه قمرا حقيقيا: لما كان ثم وجه للنهي عن التعجب من الكتان إنما يسرع إليه البلى حين يلابس القمر الحقيقي -كما يقولون- لا حين يلابس إنسانا بلغ الغاية في الحسن.

وإذا كان هذا شأن المرشحة كانت جديرة أن تحتل المكان الأول بين أختيها.

ويلي المرشحة في القوة: الاستعارة "المطلقة": إذ هي التي لا يذكر فيها شيء يلائم أحد الطرفين -كما عرفت، فهي- وإن خلت مما يقوي تناسي التشبيه، ويدعم دعوى الاتحاد: من ذكر ما يلائم المشبه به ليس فيها ما ينافيهما: من


١ ضمن التظليل معنى المنع فعداه "بمن" أي: تمنعني من حر الشمس، وأنث الفعل مراعاة لتأنيث اللفظ.
٢ هو الشريف أبو الحسن يتصل نسبه بعلي بن أبي طالب وهو شاعر مفلق.
٣ البلى "الفناء" والغلالة بكسر الغين شعار يلبس تحت الثوب، و"زر" بمعنى شد.

<<  <  ج: ص:  >  >>