للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يسكن ويستأنس, فكل هذا وأشباهه يسمى. تمثيلا، أو استعارة تمثيلية.

وإنما سميت الاستعارة في المركب "تمثيلا"لجريان التشبيه فيه بين الهيئات المنتزعة من متعدد، كما في الأمثلة المذكورة، فمعنى التمثيل فيه واضح لكثرة ما اعتبر فيه مما أوجب غرابته, وإذا فشت الاستعارة التمثيلية، وشاع استعمالها باقية على هيئتها. أطلقوا عليها لفظ:

المثل:

وهو استعارة تمثيلية شاع استعمالها, ويراعى فيه المعنى الذي ورد فيه أولا، فيخاطب به المفرد، والمثنى، والجمع, مذكرا أو مؤنثا، من غير تغيير في العبارة الواردة؛ لأنه -كما قلنا- استعارة تمثيلية، والاستعارة يجب أن تكون لفظ المشبه به المستعمل في المشبه كما في مثال "المتردد" فقد ورد في شخص معين، ثم شاع استعماله حتى صار مثلا يضرب لكل متحير في أمره -مفردا كان أو غير مفرد- مذكرا أو مؤنثا. فيقال لكل واحد مما ذكر: أراك تقدم رجلا إلخ. فينطق به كما ورد.

ومثل المثل المذكور قولهم: "الصيف ضيعت اللبن" بكسر تاء الفاعل إذ قد ورد في امرأة فرطت في أمر، ثم طلبته بعد فوات فرصته، ثم شاع استعماله وذاع، حتى صار مثلا يضرب لكل من طلب أمرا، بعد التفريط فيه، وبعد فوات وقته. ومثله قولهم: "اليد لا تصفق وحدها" وهو مثل يضرب لمن يحاول أمرا وحده، فيعجز عنه، تشبيها له بمن يحاول أن يصفق بيد واحدة, وكقولهم: "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن" لمن يعرض له أمر لا يشتهيه، تشبيها له بربان السفينة، تزجيها الرياح إلى غير الوجهة التي يريدها, وهكذا يقال في جميع الأمثال السائرة نثرا ونظما.

المجاز المركب المرسل١:

هذا هو القسم الثاني من قسمي المجاز المركب.


١ أطلق عليه هذا الاسم قياسا على المجاز المفرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>