للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشربه" مخالف للقياس الصرفي؛ لأن الأصل فيهما: "أهل وموه" أبدلت الهاء فيهما همزة, وهذا الإبدال لا يقره القياس, ولكنه فصيح لموافقته ما ورد عن الواضع. ومثله "أبى يأبى" بفتح الباء في المضارع، والقياس كسرها لما تقدم بيانه، ولكنه فصيح لوروده هكذا عن الواضع. كذلك قولهم: عورت عين فلان، و {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} , فالقياس فيهما أن يقال: عارت عينه, واستحاذ عليهم بقلب الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فتصحيح الواو حينئذ مخالف للقياس لكنه فصيح؛ لأنه ثبت هكذا عنالواضع.

الغرابة: هي أن تكون الكلمة وحشية أي: غير ظاهرة الدلالة على المعنى، ويكون ذلك لسببين:

الأول: عدم تداول الكلمة في لغة العرب الخلص، فيحتاج في معرفتها إلى بحث وتنقيب في معاجم اللغة.

فتارة يعثر على معناها بعد البحث, كلفظتي "تكأكأتم وافرنقعوا" من قول عيسى بن عمر النحوي، وقد سقط عن دابته، فاجتمع الناس حوله: ما لكم تكأكأتم عليَّ كتكأكئكم على ذي جنة, افرنقعوا، فمعنى "تكأكأتم": اجتمعتم، ومعنى "افرنقعوا": انصرفوا. يقول متعجبًا: ما لكم اجتمعتم علي كاجتماعكم على ذي جنون, تنحوا عني. ومنه لفط "رخاخ" بفتح الراء قي قولهم: نحن في رخاخ من العيش، أي: في سعة ورغد.

وتارة لا يعثر عليه بعد البحث كلفظ "جحلنجع" من قول أعرابي يسمى أبا الهميسع١: من طمحة٢ صبيرها٣ جحلنجع٤ بجيم مفتوحة، فمهملة ساكنة، فلام مفتوحة، فنون ساكنة، فجيم مفتوحة، فعين مهملة.

فهذه الكلمات الثلاث غير فصيحة؛ لأنها غريبة غير ظاهرة المعنى لعدم تداولها، وذلك خلل واقع في المعنى.


١ بفتح الهاء والسين.
٢ الطمحة: النظر.
٣ الصبير: السحاب.
٤ لم يعثر على معناها بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>