للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهلًا أعاذل قد جربت من خلقي ... أني أجود لأقوام وإن ضننوا

يقول الشاعر لمن لامته على إحسانه لمن بخلوا عليه: اقصدي من لومك, فقد عرفت أن من خلقي مجازاة من يسيء إليَّ بالإحسان إليه؛ لأني إنما أصنع المعروف للمعروف، لا لشيء وراءه. فلفظ "ضننوا" غير فصيح؛ لأنه مخالف لما ورد عن الواضع, وللقياس الصرفي، إذ الوارد عن الواضع: "وإن ضنوا" بالإدغام لا بالفك، والقياس الصرفي أيضًا يقتضي إدغام المثلين. ومنه لفط "الأجلل" في قول الشاعر:

الحمد لله العلي الأجلل ... أنت مليك الناس ربا فاقبل

فلفظ "الأجلل" غير فصيح؛ لأنه مخالف لما ثبت على الواضع, وللقياس الصرفي كما في المثالين قبله.

ومثال ما خالف الثابت عن الواضع, ووافق القياس قولك: "يأبي" بكسر الباء مضارع "أبى" فهو غير فصيح؛ لأنه مخالف لما ثبت عن الواضع, إذ الثابت عنه "يأبى" بفتح الباء لا بكسرها، في حين أنه موافق للقياس الصرفي؛ لأن "فعَل" بفتح العين لا يأتي مضارعه على "يفعَل" بالفتح إلا إذا كان عين ماضيه أو لامه حرف حلق "كسأل يسأل" و"منع يمنع"، وليس "أبى يأبى" من هذا القبيل. كذلك لا يأتي مضارعه على "يفعُل" بالضم إلا إذا كان مضعف العين متعديًا "كمده ويمده"، أو أجوف واويًّا "كقال يقول", أو ناقصًا واويًّا "كسما يسمو" وليس "أبى يأبى" أحد هذه الأنواع، فكسر عين مضارعه حينئذ موافق للقياس الصرفي، ولكنه مع ذلك غير فصيح لمخالفته ما ثبت عن الواضع.

فالشرط إذًا في مخالفته الوضع: أن تخالف الكلمة ما ثبت عن الواضع, سواء خالفت القياس الصرفي أيضًا أو لا "كما عرفت".

تنبيه:

علم مما تقدم: أن ما ثبت عن الواضع, سواء وافق القياس الصرفي أو خالفه فصيح؛ فنحو "آل وماء" من قولك: "هؤلاء آلك فاعطف عليهم, وهذا ماؤك

<<  <  ج: ص:  >  >>