للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولفظ "مستشزرات" متنافر ثقيل أيضًا؛ لتقارب حروفه في المخرج كذلك, إذ إن حروفه -ما عدا الميم- خارجة من مخرج واحد هو اللسان, غير أن بعضها خارج من طرفه، وبعضها من وسطه. ولفظ "ملع" بمعنى: أسرع متنافر ثقيل؛ لتباعد حروفه في المخرج, إذ إن الميم خارجة من الشفتين، والعين من أقصى الحلق, وهكذا.

ورد هذا القول بأن الضابط المذكور غير مطرد؛ لأننا لا نجد تنافرًا في لفظتي "الجيش والشجي" مع تقارب الشين والجيم في المخرج, ولا نجد تنافرًا في {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ} مع تقارب الهمزة والعين والهاء في المخرج, كذلك كما لا نجد تنافرًا في مثل "علم وملح" مع تباعد المخرجين في العين والميم في الأول, والميم والحاء في الثاني. وإذن فقرب المخارج أو بعدها لا يصلح ضابطًا يعول عليه في ضبط التنافر لعدم اطراده كما عرفت, بل الحكم في ذلك للذوق السليم؛ فما عده الذوق السليم ثقيلًا متعثر النطق فهو متنافر, سواء أكان متقارب الحروف أو متباعدها ا. هـ.

مخالفة الوضع: هي أن تكون الكلمة مخالفة لما ثبت عن الواضع, سواء أكانت مخالفة للقياس الصرفي أيضًا أم لا، فمدار المخالفة على ما ثبت عند الواضع كما ستراه بعده.

فمثال ما خالف الأمرين معًا لفظ: "بوقات" جمع مؤنث مفرده "بوق" بمعنى المزمار, في قول المتنبي يمدح سيف الدولة:

فإن يك بعض الناس سيفًا لدولة ... ففي الناس بوقات لها وطبول

يقول: إذا كنت سيفًا لدولتك له خطره وأثره، فغيرك من الملوك بمثابة البوق والطبل لا أثر له, ولا غناء فيه. فلفظ "بوقات" في البيت غير فصيح؛ لمخالفته ما ثبت عن الواضع والقياس الصرفي؛ إذ الثابت عن الواضع جمعه جمع تكسير، والقياس الصرفي يقتضي جمعه مكسرًا أيضًا فيقال: "أبواق"؛ لأن جمع المؤنث السالم له مواضع خاصة، ليس هذا الاسم منها، وذلك خلل واقع في الصيغة. ومثله لفظ "ضننوا" بمعنى: بخلوا, من قول الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>