للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنافر الحروف:

هو وصف في الكلمة التي ينشأ عنه ثقلها على اللسان، وتعسر النطق بها، وهو نوعان: تنافر شديد، وتنافر خفيف.

فالشديد كلفظ "الظش" للموضع الخشن و"كالهعخع" لنبات ترعاه الإبل, في قول أعرابي سئل عن ناقته: تركتها ترعى الهعخع. فهاتان الكلمتان غير فصيحتين؛ لما فيهما من تنافر الحروف تنافرًا شديدًا، يشعر به كل ناطق، وهو خلل واقع في مادتهما.

الخفيف كلفظ "النقاخ" بضم النون للماء العذب الصافي، و"كمستشزرات" في قول امرئ القيس١:

غدائره مستشزرات إلى العلا ... تضل العقاص في مثنى ومرسل٢

يصف الشاعر حبيبته بكثرة الشعر وغزارته، وأنه لكثافته مقسم إلى أقسام؛ فبعضه مرتفع، وبعضه مرسل, وبعضه مثنى، وبعضه معقوص ملوي, وأن المعقوص منه يتيه ويختفي فيما ثني وأرسل منه. فهاتان الكلمتان غير فصيحتين؛ لما فيهما من تنافر الحروف، وهو خلل واقع في مادتهما كذلك.

تنبيه:

قيل: إن الضابط المعول عليه في ضبط التنافر: قرب مخارج الحروف أو بعدها, بمعنى: أن تكون الحروف متقاربة في المخرج أو متباعدة فيه؛ فلفظ "الهعخع" مثلًا متنافر ثقيل لتقارب حروفه في المخرج, ذلك: أن الهاء والعين والخاء خارجة كلها من مخرج واحد هو الحلق, إلا أن بعضها خارج من أقصاه، وبعضها من قريب منه.


١ هو أسبق شعراء الجاهلية إلى ابتداع المعاني وحسن التعبير عنها، وأول من وقف على الديار واستبكى الأطلال.
٢ الغدائر: جمع غديرة, وهي المسماة في عرفنا بالضفيرة، والضمير راجع إلى "فرع" في الشطر الأول من البيت قبله, وهو "وفرع يزين المتن أسود فاحم" أي: فرع محبوبته و"مستشزرات" بكسر الزاي أو فتحها بمعنى: مرتفعات أو مرفوعات, و"العقاص" جمع عقيصة وهي خصلة ضده.

<<  <  ج: ص:  >  >>