للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إثبات معنى الأسدية له، إذ يلزم من كونه أسدا: أن يكون مقداما جريئا، للزوم الإقدام والجرأة للأسد, وأنك حين تقول مكنيا: "محمد طويل النجاد" إنما تريد أن تقول: محمد طويل القامة، وهي أيضا دعوى قام عليها دليلها هو اتصافه بطول النجاد، إذ يلزم من كونه طويل النجاد: أن تكون قامته طويلة, وكأنك قلت في الأولى: رأيت مقداما على المنبر لأنه أسد، وقلت في الثاني: محمد طويل القامة؛ لأنه طويل النجاد.

أما الحقيقة في نحو: "رأيت رجلا مقداما على المنبر" والتصريح في نحو: "محمد طويل القامة" فدعويان لم يقم عليهما دليل، وما كان مؤيدا بدليل أبلغ وآكد مما لم يدعم بدليل، يثبت أن المجاز والكناية أبلغ من الحقيقة والتصريح.

ووجه أبلغية الاستعارة على التشبيه: هو أن الاستعارة نوع من المجاز، مبني على دعوى اتحاد المشبه والمشبه به، والتشبيه نوع من الحقيقة، وقد أثبتنا أن المجاز أبلغ من الحقيقة.

ووجه أبلغية الاستعارة على المجاز المرسل: ما فيها من دعوى الاتحاد لفظا ومعنى, أما لفظا فلإطلاق لفظ المشبه به على المشبه, وأما معنى فلإدخال المشبه في جنس المشبه به، واعتباره أحد أفراده, بخلاف المجاز المرسل نحو: "امطرت السماء نباتا" فإن فيه دعوى الاتحاد لفظا فقط: من حيث إطلاق اللفظ على المعنى, وأما الاتحاد في المعنى فغير موجود فيه. إذ ليس بين المعنيين "كالماء والنبات" في المثال المذكور تشابه ما، حتى يدعى اتحادهما.

ووجه أبلغية الاستعارة على الكناية من وجهين:

الأول: أن في الاستعارة جمعا بين كناية واستعارة: من حيث إن فيها انتقالا من الملزوم "كالأسد" إلى اللازم "كالشجاع", كما ينتقل في الكناية من "طول

<<  <  ج: ص:  >  >>