للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المادة المذكورة، فأخذ ذلك منها بعيد؛ لهذا كان هذا اللفظ غريبًا، غير ظاهر الدلالة لعدم استعماله عند العرب بهذا المعنى.

تنبيهات:

الأول: اعلم أن عدم ظهور المعنى المتقدم ذكره في مفهوم الغرابة منظور فيه إلى الخلص من الأعراب سكان البادية، فهم قد يخفى عليهم معنى اللفظ إذا قلَّ تداوله بينهم، أو أهمل استعماله بالمعنى المراد كما ذكرنا. أما غير العرب من المولدين فغير منظور إليهم في ذلك, وإلا خرج كثير من قصائد العرب، بل جلها عن الفصاحة؛ لغلبة الجهل باللغة على غير أربابها.

الثاني: زاد بعضهم عيبًا رابعًا على العيوب المخلّة بفصاحة الكلمة، وهو أن تكون الكلمة مستكرهة، يمجّها السمع، ويأنفها الطبع, كلفظ "النقاخ" بضم النون بمعنى الماء العذب, في قول الشاعر:

وأحمق ممن يكرع الماء قال لي ... دع الخمر واشرب من نقاخ مبرد

و"كالجرشى" بمعنى النفس, في قول أبي الطيب يمدح سيف الدولة:

مبارك الاسم أغر اللقب ... كريم الجرشى شريف النسب١

والحق: أن في ذكر الغرابة غنية عن ذكر هذا العيب؛ لأن استكراه السمع للفظ إنما جاء من ناحية وحشيته وغرابته ا. هـ.

إذا علمت هذا, علمت أن كل كلمة برئت من العيوب المتقدم ذكرها, عدت في عرف علماء البلاغة فصيحة.

تمرين:

١- تكلم بإيجاز عن تاريخ نشأة العلوم البلاغية، وبين وجه الحاجة إلى دراستها.

٢- عرف معنى الفصاحة في اللغة، ومثل لها بمثالين.


١ إنما كان مبارك الاسم لإشعاره بالعلو، ولموافقته لاسم علي بن أبي طالب فهو سميه، وأغر اللقب مشهوره لاشتهاره بسيف الدولة، والملوك يشار إليهم بألقابهم, وشريف النسب لأنه "على ما قيل" من سلالة بني العباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>