للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أنفها مسرج" غير فصيح، مع أنه كلام سليم من العيوب المخلة بفصاحته, فلا تنافر كلمات فيه، ولا ضعف تأليف، ولا تعقيد, ولكنه لما لم يسلم من العيوب المخلة بفصاحة بعض أجزائه لم يكن فصيحًا؛ إذ الشرط في فصاحة الكلام "كما قلنا" سلامته من عيوبه وعيوب أجزائه, كما تقول في الأمثلة السابقة: محمد أصدق مودة من أخيه، وشعر هند مرتفع, وأنفها مستقيم، دقيق, أو ناضر بهيج ا. هـ.

إذا علمت هذا, علمت أن كل كلام سلم من عيوبه, وعيوب أجزائه عُدَّ في عرف البلغاء فصيحًا، وإن لم يسلم فقد عطل جيده من حلية الفصاحة.

فصاحة المتكلم:

هي ملكة أي: صفة قائمة بنفس المتكلم راسخة فيه، يستطيع بها أن يعبر تعبيرًا صحيحًا عما يجول بخاطره، ويجيش في صدره من الأغراض والمقاصد، فالمدار في فصاحته على أن تكون فيه هذه الصفة كامنة راسخة, يستطيع أن يستخدمها متى شاء في أي ضرب من ضروب الكلام، وفي أي فن من فنونه؛ كالمدح، والذم، والرثاء، والفخر، والتشبيب، وغير ذلك فهو فصيح وإن لم ينطق متى وجد فيه الاستعداد، والقدرة على صوغ اللفظ الفصيح، ولا يكون فصيحًا إذا فقد هذا الاستعداد، وهذه القدرة. كما لا يكون فصيحًا إذا استطاع أن يعبر بلفظ فصيح في مقصد دون آخر؛ إذ لم يكن ذلك منه وليد ملكة فيه.

وتكوين هذه الملكة إنما يكون بممارسة أساليب العرب الفصحاء، والوقوف على أسرارها، وحفظ الكثير من عيوب كلامهم, نثرًا وشعرًا.

تمرين:

١- بين معنى الفصاحة في الكلام، مع بيان الفرق بين المتنافر وفي الكلمة، وبين المخالفتين فيها، ومثِّل لكل ما تقول.

٢- وضح معنى التعقيد في الكلام، واذكر نوعيه، وبين وجه التعقيد في قول ابن الأحنف: وتسكب عيناي الدموع لتجمدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>