للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصالحة لذلك كقولك: "قدم حسام الدين" و"أقبل أبو الفضل", وكقولك: "ذهب أنف الناقة"، و"رحل أبو الجهل" جيء بالمسند إليه علمًا في هذه المثل لقصد تعظيمه في الأولين، وتحقيره في الآخرين, وقد يكون ذلك لتعظيم غير المسند إليه، أو إهانته كما في قولك: "أبو الخير صديقي", و"أبو لهب رفيقك" فالغرض من هذا تعظيم المتكلم في الأول وإهانة المخاطب في الثاني، وكلاهما المسند إليه.

٣- التفاؤل به: أو التطير منه نحو: "أقبل سرور، وذهب حرب", فالغرض من الإتيان بالمسند إليه علمًا التفاؤل في الأول والتشاؤم في الثاني.

٤- التبرك به أو التلذذ فالأول نحو "الله حسبي" و"محمد شفيعي" إذا تقدم لهما ذكر في الكلام، فيعاد ذكرهما تيمنًا به, والثاني كما في ذكر أسماء الأحبة كقول مجنون ليلى:

بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ... ليلاي منكن أم ليلى من البشر

والشاهد في قوله "أم ليلى", فإن مقتضى سياق الحديث أن يقول: "أم هي" إذ المقام للضمير لتقدم المرجع، لكنه أورده علمًا لقصد التلذذ بذكر اسم محبوبته.

٥- الكناية عن معنى يصلح المعلوم، بحسب معناه الأصلي، قبل أن يكون علمًا كما تقول: "أبو لهب فعل كذا".

وتوجيه الكناية فيه: أن "أبو لهب" قبل أن يكون علمًا على الذات فهو مركب إضافي معناه، أبو النار، وأن النار متولدة منه كما تتولد من الخشب، ويلزم من كون الإنسان أبا للنار، بمعنى أنه وقودها، أن يكون جهنميًّا، أي من أهل جهنم إذ إن اللهب الحقيقي هو لهب جهنم، قال تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} ، وحينئذ فلفظ "أبو لهب" -بهذا المعنى المذكور- ملزوم، وقد أطلق لينتقل منه إلى لازمه، وهو كونه جهنميًّا، والانتقال من الملزوم إلى اللازم هو معنى الكناية كما عرفته في محله, فإذا قلت في شأن كافر مسمى "بأبي لهب": أبو لهب فعل كذا فالنكتة في إيراد المسند إليه علمًا: هي أنه كناية عن كونه جهنميا باعتبار المعنى الأصلي الإضافي: من إطلاق الملزوم وهو كونه أبا للنار، وإرادة اللازم، وهو "كونه جهنميًّا" أي من أهل جهنم خالدًا فيها، إلى غير ذلك من دواعي إيراد المسند إليه علمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>