للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا جاء من هذا القبيل١ ما يفيد: عموم النفي أي سلب الحكم عن كل فرد كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} ، قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} , فليس ذلك من أصل وضعه، بل من قرينة خارجية، هي تحريم الاختيال والكفر, وأما التركيب في ذاته فلا يفيد العموم اطرادًا للقاعدة.

٧- تقوية الحكم في ذهن السامع إذا كان المسند فعلا رافعًا لضمير المسند إليه كما تقول: "محمد يعطي الجزيل", "وهو يحب الثناء", قدم المسند إليه في المثالين لإفادة تقوى الحكم, وسر التقوية: أن في مثل هذا التركيب تكرارًا للإسناد: من حيث أن الفعل, وهو "يعطي" في المثال الأول أسند مرتين, أسند أولًا إلى الضمير المستتر فيه العائد على "محمد", ثم أسند ثانيًا إلى الاسم الظاهر, فهو بمثابة قولك: "يعطي محمد الجزيل", وهكذا يقال في المثال الثاني, وبتكرار الإسناد يتقوى الحكم، ويتقرر في ذهن السامع.

قيل٢ ويقرب من هذا في تقوية الحكم: ما كان المسند فيه وصفًا رافعًا لضمير المسند إليه كما في قولك: محمد معطي الجزيل, وذلك لتكرار الإسناد فيه كما في الفعل, "فمعطي" في المثال المذكور مسند مرتين كذلك- مرة إلى الضمير المستتر فيه، ومرة إلى الاسم الظاهر، وتكرار الإسناد هو عماد التقوى "كما عرفت".

غير أن الوصف -مع هذا- لم يبلغ مبلغ الفعل في إفادة التقوى؛ لأن فيه جهة ضعف، تلك هي شبهة بالاسم الجامد في أنه يلزم صورة واحدة في المتكلم، والخطاب، والغيبة. فتقول: "أنا قادم"، و"هو قادم" فلفظ "قادم" لم يتحول عن صورته في الأصول الثلاثة, كما هو الحال في الاسم الجامد الخالي من الضمير "كرجل" إذ تقول فيه: "أنا رجل", وأنت رجل و"هو رجل", فرجل كذلك لم يتغير في الأحوال الثلاثة.

وقصارى القول: أن الوصف لاشتماله على الضمير كان كالفعل في إفادة التنويه لتكرار الإسناد، ولكن: صورته لا تتغير بتقدير الأحوال.


١ أي من وقوع أداة العموم في حيز النفي المفيد بحسب الوضع لسلب العموم أي في نفي الحكم عن بعض الأفراد دون بعض.
٢ قاله السكاكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>