للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا خطيب, وكونه قصر قلب، أو إفراد، أو تعيين منوط بحال المخاطب كما تقدم.

ووجه إفادتها معنى القصر: تضمنهما معنى "النفي والاستثناء" فقولك: "إنما شوقي شاعر"، أو "إنما شاعر شوقي" في معنى قولك: ما شوقي إلا شاعر، أو ما شاعر إلا شوقي.

وأحسن مواقع "إنما" استعمالا: ما إذا كان المقصد منها التعريض١ كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} أي إنما يتعقل الحق أصحاب العقول. فمن المجزوم به: أن ليس الغرض من هذا الكلام ظاهره؛ وهو حصر تعقل الحق في ذوي العقول؛ لأن هذا أمر معلوم بالبداهة، وإنما هو تعريض بذم الكفار، وأنهم لفرط عنادهم, وغلبة الهوى عليهم في حكم من لا عقل له، وأن من يطمع في أن ينظروا ويتذكروا كمن يطمع في ذلك من غير أولي الألباب، ومثله قوله:

أنا لم أرزق محبتها ... إنما للعبد ما رزقا

فهذا تعريض بأنه لا مطمع له في وصلها، وأنه بائس من تحقيق ما يرجوه منها، وإلا فكون الرزق منوطًا بصاحبه، لا يكون لغيره أمر معلوم.

وإنما كان التعريض أحسن مواقع "إنما"، لأن الحكم الذي شأنها أن تستعمل فيه يكون "في الغالب" معلومًا للمخاطب "كما سيأتي بعد" فلا يكون الغرض إفادته حينئذ، بل يكون المقصود التاريخ به إلى معنى آخر كما تقدم بيانه "في الآية والبيت" وهذا هو معنى التعريض.

٣- العطف بلا، أو ببل، أو بلكن. والمقصور عليه في العطف "بلا" هو المقابل لما بعدها، وفي العطف "ببل، ولكن"، هو ما بعدها. مثال العطف "بلا" في قصر الصفة قصرًا حقيقيًا قولك: "زهير شاعر لا غير زهير"، ومثاله في قصر الموصوف: "زهير شاعر لا غير شاعر" والمقصور عليه في الأول، "زهير" وفي الثاني "شاعر"؛ لأن كلا منهما هو المقابل لما بعد "لا".


١ هو الكلام المستعمل في معناه ليلوح به إلى غيره لغرض من الأغراض.

<<  <  ج: ص:  >  >>