للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثالثة: أن تكون الجملة الثانية بيانًا للأولى لخفائها، والمقام يقتضي إزالة هذا الخفاء، كقوله تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} فصلت جملة {قَالَ يَا آَدَمُ} عن جملة {فَوَسْوَسَ} ؛ لأنها موضحة لها، بمثابة عطف البيان منها لخفائها إذ لم تتبين تلك الوسوسة. فوزان {قَالَ يَا آَدَمُ} وزان "عمر" من قولهم: "أقسم بالله أبو حفص عمر". وكالآية الكريمة الأمثلة المتقدمة في بدل الكل عند من لم يعتد به في الجمل.

وأما شبه كمال الانقطاع:

فيتحقق في أن يكون عطف الثانية على الأولى موهمًا بعطفها على غيرها, وهو غير مقصود لما في العطف على هذا الغير من خلل في المعنى ذلك يكون في جملة مسبوقة بجملتين، يصح عطفها على أحدهما للوجوه المناسبة، ولا يصح عطفها على الأخرى لفساد المعنى، فيترك العطف حينئذ دفعًا لتوهم أنها معطوفة على هذه الأخرى. مثاله قول الشاعر:

وتظن سلمى أنني أبغي بها ... بدلا أراها في الضلال تهيم

لم يعطف جملة "أراها" على "تظن" لئلا يدور في خلد السامع أنها معطوفة على "أبغي" لقربها منها، فتكون من مظنونات "سلمى"، ويصير المعنى حينئذ: أن سلمى تظن: أنني أبغي بها بدلا، وتظن أيضًا: أنني أراها تهيم في الضلال، وليس هذا مراده أن يقول: إن "سلمى" أخطأت في زعمها أنني أبغي بها بدلًا, بدليل قوله بعد هذا البيت أو قبله:

زعمت هواك عفا الغداة كما عفا ... عنها طلال باللوى ورسوم

وشبه هذا بكمال الانقطاع لاشتماله على مانع من العطف "كما بينا" وإنما لم يكن من كمال الانقطاع، لأن المانع ليس من ذات الجملتين، بل خارج عنهما، يمكن دفعه بنصب قرينة على المراد.

وأما شبه كمال الاتصال:

فيتحقق في أن تكون الجملة الثانية جوابًا لسؤال نشأ عن الجملة الأولى، فتفصل الثانية عنها كما يفصل الجواب عن السؤال, ويسمى الفصل "استئنافًا", وتسمى الجملة الثانية "مستأنفة", والسؤال الناشئ عن الجملة الأولى يكون عن واحد من ثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>