للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"و" ما يكون جواب شرط, كقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} , والجواب محذوف تقديره: لرأيت أمرًا فظيعًا, والحذف فيه على أن جواب الشرط مما لا يحيط به وصف قصدًا إلى المبالغة, وقد يكون الحذف لمجرد الاختصار كقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} , فهذا شرط حذف جوابه، وهو "أعرضوا", بدليل قوله بعد: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} .

"ز" ما يكون قسمًا أو جوابه: فالأول كقولك: "لأحجن هذا العام", أي والله لأحجن, والثاني وهو كثير شائع كقوله تعالى: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ، وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} ... إلخ، وتقدير الجواب: لتعذبن يا كفار مكة.

"ح" ما يكون معطوفًا كقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} , فقد حذف المعطوف على {مَنْ أَنْفَقَ} والتقدير: ومن أنفق من بعده، وقاتل.

"ط" ما يكون جملة كقوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} أي فاختلفوا، فبعث، وكقوله تعالى: {قُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} أي فضربه بها فانفجرت.

"ي" ما يكون عدة جمل كقوله تعالى: {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ، يُوسُفُ} فقد حذف من هذا الكلام عدة جمل، لا يستقيم المعنى إلا بها، والتقدير: فأرسلون إلى يوسف لاستعبره الرؤيا، فأرسلوه إليه، فأتاه، وقال له: يا يوسف ودليل هذه المحذوفات: هو أن نداء يوسف يقتضي أنه وصل إليه والوصول إليه متوقف على فعل الإرسال، والإرسال إنما كان للاستعبار.

هذا والحذف على وجهين:

الأول: أن يقام مقام المحذوف شيء يدل عليه كقوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} فقوله: "فقد كذبت رسل" ليس هو جواب الشرط، لأن تكذيب الرسل سابق على تكذيبه، وجواب الشرط يجب أن يكون مضمونه مترتبًا على مضمون الشرط، والمذكور هنا إنما هو علة الجواب المحذوف، وهو "الصبر وعدم الحزن"، فكأنه قيل، وإن يكذبوك فاصبر، ولا تحزن، لأنه قد كذبت رسل من قبلك، أي فلك بهم أسوة.

الثاني: ألا يقام شيء مقام المحذوف، بل يكتفى في فهم المحذوف

<<  <  ج: ص:  >  >>