للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ج" ما يكون موصوفًا, وهو كثير كقوله تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} أي حور قاصرات الطرف، ومثله: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} أي دروعًا سابغات، وكقول الشاعر:

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني١

يصف نفسه بالشهرة ووضوح الأمر، وأنه كشاف للكروب، ركاب للصعاب، لقوة مراسه وعلو همته، وأنه متى يضع البيضة الحديد على رأسه يعرفوا شجاعته، وقوة بأسه, ويحتمل أن يكون المعنى: أنه متى يرفع العمامة التي يستر بها وجهه لإخفاء نفسه عرفوه ذلك الباسل المغوار، والفارس الذي لا يشق له غبار, والشاهد قوله: "أنا ابن جلا" حيث حذف فيه الموصوف والتقدير: "أنا ابن رجل جلا أي انكشف أمره واتضح، بحيث لا يخفى على أحد، أو ابن رجل كشف الأمور، وجلا الكروب, وأكثر ما يكون حذف الموصوف في باب المصدر كقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} "أي عملًا صالحًا".

" ما يكون صفة -وهو نادر- كقوله تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} أي سفينة سليمة، بدليل قوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} فإن ذلك يدل على أن الملك كان لا يأخذ المعيبة, ومن هذا القبيل قول الشاعر:

كل امرئ ستئيم منه ... العروس أو منها يئيم٢

يريد أن يقول: كل امرئ متزوج، إذ المعنى لا يصح إلا بهذا الوصف.

"هـ" ما يكون شرطًا, كقوله تعالى: {اتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} أي إن تتبعوني يحببكم الله، وكقولك: "أين بيتك أزرك؟ " أي إن تعرفنيه أزرك.


١ الثنايا: جمع ثنية على وزن غنية, وهي ما ارتفع من الأرض شبه بها صعاب الأمور، أو كنى بها عنها.
٢ آم الزوج من زوجته يئيم إذا انفصل عنها، أو انفصلت عنه بموت أو طلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>