للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ ليس كل قتل أنفى للقتل، بل تارة يكون أنفى له إذا كان القتل قصاصًا وأخرى يكون أدعى له إذا كان القتل ظلمًا وعدوانًا.

٥- إن النص القرآني خال من التكرار اللفظي, أما المأثور عنهم ففيه التكرار، وهل "في الجملة" عيب في الكلام.

٦- إن النص القرآني جعل "القصاص" كالمنبع للحياة بإدخال "في" عليه, أما النص العربي فخلو من هذه المعنى.

٧- إن النص القرآن محلى بحلية الطباق، بين "القصاص والحياة", أما النص العربي فعاطل الجيد من تلك الحلية البديعية إلى غير ذلك من المزايا التي انفرد بها النص الكريم.

ومثل ما تقدم من الكلمات الجامعة، ذات اللفظ القصير، والمعنى الكثير قوله صلى الله عليه وسلم: "المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء"، ففيه من المعاني الحكيمة الشيء الكثير، وقول علي رضي الله عنه: "ثمرة التفريط الندامة"، وقوله: "من استقبل وجوه الآراء عرف وجوه الخطأ" وقول بعض الأعراب: اللهم هب لي حقك، وارض على خلقك، فلما سمعه عليه الصلاة والسلام قال: "هذا هو البلاغة" , فكل هذا وغيره من جوامع الكلم هو من قبيل إيجاز القصر.

إيجاز الحذف:

ما قصد فيه إلى إكثار المعنى، مع حذف شيء من التركيب، ودلالة القرينة عليه, والمحذوف أنواع شتى فمنها:

"أ" ما يكون حرفًا كقوله تعالى: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} والأصل: ولم أكن، حذفت النون تخفيفًا.

"ب" ما يكون مفردًا مضافًا، أو مضافًا إليه, فالأول: كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} , أي أهل القرية, بناء على أن المراد بالقرية: المكان, فإن أريد به: أهلها كان مجازًا مرسلا علاقته الحالية والمحلية، وحينئذ فلا حذف في الآية، ومثله قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} أي في سبيل الله. والثاني: كقوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} أي بعشر ليال، ومثله قوله تعالى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} أي من قبل ذلك ومن بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>