للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجموعة في سمط واحد، وتحت موضوع واحد هو الكلام العربي من حيث إنه كيف يكون بليغا فصيحا، وعذبا رشيقا.

والكتاب غاية في الجودة وإن جفت عبارته وخلت من الإطناب الذي التزمه عبد القاهر، ومن الإكثار من الأمثلة والشواهد التي عول عليها الشيخ إلى حد بعيد، ولكنه -مع ذلك- رتب المباحث ترتيبا حسنا، وبوبها تبويبا جيدا، وحدد أنواعها، وضبطها ضبطا وفر به الجهد على من تصدى بعده للنظر فيها.

ولما في هذا الأثر الجليل من تمييز المسائل بعضها من بعض, وتحديد مباحث هذه العلوم تحديدا أنار السبيل للباحثين؛ عد الإمام السكاكي واضع البلاغة في رأي كثير من البلغاء.

ومهما يكن من شيء, فقد أصبحت علوم البلاغة بعد السكاكي قائمة بذاتها, متميزة الموضوع، واضحة المنهج، قريبة المورد، واتية الجنى.

ثم جاء المتأخرون من بعده، فلم يستطيعوا أن يزيدوا عليه شيئا من أصول البلاغة, وكان قصارى جهدهم أن تناولوا كتابه بالاختصار تارة، وبالشرح أخرى، وأهم مختصرات قسم البلاغة منه تلخيص:

الخطيب القزويني:

وهو أبو المعالي قاضي القضاة, جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الشافعي, المولود بقزوين١ سنة ٦٦٦هـ والمتوفى سنة ٧٣٩هـ. وقد نشأ الخطيب مقبلا على العلم، محبا له، جامعا لمسائله، يعينه على ذلك ذكاء نادر، وبديهة قوية، ولم يمض من عمره كثير حتى عرف بالفصاحة، وسعة الاطلاع, وجودة المحاضرة، وعذوبة


١ إحدى بلاد طبرستان, التي يحدها من الشمال بحر الخزر.

<<  <  ج: ص:  >  >>