للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نسبة المشبه للمشبه به، يريد -على ما يظهر- أن يشبه أنفها بالسيف السريجي في الدقة والاستواء.

وقيل: هو مأخوذ من السراج، أي: منسوب إليه نسبة تشبيهية أيضًا يريد -على ما يبدو- أن يشبه أنفها بالسراج في الرونق والضياء.

وعلى كلا القولين هو غير ظاهر الدلالة على ما ذكر؛ لأن مادة "فعل" المضعف العين إنما تدل فقط على مجرد نسبة الشيء إلى أصله، فيقال: كفر فلان فلانا نسبه إلى الكفر، وفسقه نسبه إلى الفسق، فهو مكفر أو مفسق أي: منسوب إلى الكفر أو الفسق. ولما لم يوجد "لمسرج" أصل ينسب إليه اعتبر منسوبا للسريجي أو للسراج -على ما سبق في القولين- غير أن النسبة التشبيهية -وهي أن يكون المنسوب شبيها بالمنسوب إليه- لا تدل عليها المادة المذكورة، فأخذ ذلك منها بعيد؛ لهذا كان اللفظ غريبا، غير ظاهر الدلالة؛ لعدم استعماله عند العرب بهذا المعنى المراد.

وقد حاول بعضهم لهذه الكلمة علاجا تصح به وتسلم، فقال: إن "مسرجا" اسم مفعول مأخوذ من سرج الله وجهه: حسنه وبهجه، وإذًا فقول الشاعر: "ومرسنا مسرجا" معناه: وأنفا محسنا مبهجا, من غير اعتبار نسبة إلى شيء، أو تشبيه به. وبهذا يخرج اللفظ المذكور سليما معافى من داء الغرابة؛ لظهور دلالته على معناه.

وأجيب بأنها محاولة غير مجدية؛ لأن اللفظ بهذا المعنى لا وجود له في المبسوط من معاجم اللغة, إذ لم يشتهر بهذا المعنى في كتبها, فهو وإن سلم من عيب الغرابة بالمعنى الثاني -وهو ما احتيج فيه إلى التخريج البعيد- لا يزال يشكو داء الغرابة بالمعنى الأول, وهو ما احتيج فيه إلى التفتيش والبحث في كتب اللغة.

على أنه لا يبعد أن يكون "سرج" مأخوذا من السراج, واستعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>