للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمعنى سرج الله وجهه: حسنه وبهجه, أي: أوجده على هذه الصفة، لا على معنى النسبة التشبيهية كالذي تقدم، ويكون ذلك من ابتكار المولدين ومواضعاتهم غير أنه لا يصح أخذ "مسرجا" منه؛ لامتناع أخذ السابق من اللاحق.

ووجه انحصار "الغريب" في السببين المتقدمين، أن اللفظ يدل على معناه بجوهره وهيئته، فعدم ظهور دلالته؛ أما باعتبار جوهره فيحتاج إلى التنقير والتفتيش، وإما باعتبار هيئته، فيحتاج إلى التخريج على الوجه البعيد.

تنبيهان:

الأول: اعلم أن عدم ظهور المعنى المتقدم ذكره في مفهوم الغرابة منظور فيه إلى الخلص من الأعراب سكان البادية، فهم قد يخفى عليهم معنى اللفظ إذا قل تداوله بينهم، أو لم يستعمل عندهم بالمعنى المراد منه -على ما ذكرنا- أما غير العرب من المولدين فغير منظور إليهم في ذلك, وإلا خرج كثير من قصائد العرب، بل جلها عن الفصاحة لغلبة الجهل باللغة على غير أربابها ا. هـ.

الثاني: زاد بعضهم عيبا رابعا على العيوب المخلة بفصاحة الكلمة، وهو أن تكون الكلمة مستكرهة يمجها السمع، ويأنفها الطبع كلفظ "النقاخ" بمعنى الماء العذب, في قول الشاعر المتقدم:

وأحمق ممن يكرع الماء قال لي ... دع الخمر واشرب من "نقاخ" مبرد

و"كالجرشى" بمعنى النفس في قول أبي الطيب المتنبي من قصيدة يمدح بها سيف الدولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>