للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صديقه", فمرجع الضمير في الأول "لفظ الجلالة"، وفي الثاني "محمدا"، وقد تقدم كلاهما على الضمير لفظا, غير أنه في الأول تقدم لفظا ورتبة، وفي الثاني تقدم لفظا فقط؛ لأنه مفعول فمرتبته بعد الفاعل.

والتقدم المعنوي: ألا يتقدم المرجع على الضمير لفظا, لكن هناك ما يقتضي تقدمه معنى؛ كأن يدل عليه لفظ سابق من جنسه، أو ترشد إليه قرينة حال، أو كانت مرتبته التقدم على الضمير.

فمثال ما دل عليه لفظ سابق قوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ، فمرجع الضمير هو "العدل" المدلول عليه بلفظ {اعْدِلُوا} ، فهو لم يتقدم لفظا، وإنما تقدم معناه في الفعل المذكور.

ومثال ما أرشدت إليه قرينة حال قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} فمرجع الضمير المستتر في {تَرَكَ} هو "الميت" ولم يدل عليه لفظ سابق من جنسه كما في {اعْدِلُوا} ، بل دلت عليه قرينة حال هي أن الكلام مسوق لبيان الإرث، ومثله قوله تعالى: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ، فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} ، فمرجع الضمير المستتر في {تَوَارَتْ} هو "الشمس" ولم يدل عليه لفظ سابق من جنسه, ولكن ذكر "العشي" والتواري بالحجاب وسياق الكلام قرائن تدل على أن المراد "الشمس".

ومثال ما مرتبته التقدم وإن تأخر في اللفظ قولك: "في داره صديقك وقولك: رفع قبيلته عنترة؛ فمرجع الضمير في الأول "صديقك"، وفي الثاني "عنترة"، وقد تأخر كل منهما عن الضمير في اللفظ، ولكن مرتبته التقدم عليه؛ لأنه في الأول مبتدأ، وفي الثاني فاعل، ومرتبة المبتدأ التقدم على الخبر، كما أن مرتبة الفاعل التقدم على المفعول، وكأنما لفظ بهما أولا.

<<  <  ج: ص:  >  >>