للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجوز باللفظ من المعنى الموضوع له إلى المعنى المراد، ثم إن العلاقة بين المعنيين قد تكون المشابهة، ويسمى اللفظ حينئذ "استعارة" كما في قولك: "سمعت قمرا يتكلم" فلفظ "قمر" استعمل في "الإنسان الجميل" وهو معنى لم يوضع له اللفظ, والقرينة المانعة قولك: "يتكلم" والعلاقة بين المعنيين مشابهة الإنسان للقمر في الحسن, فقد شبه "أولا" الإنسان الجميل بالقمر في البهاء، ثم ادعى -مبالغة في التشبيه- أن المشبه فرد من أفراد المشبه به، ثم استعير لفظ المشبه به للمشبه باعتباره أحد أفراده -وسيأتي تفصيل ذلك في أبوابه- فالتشبيه إذًا سابق على الاستعارة التي هي أحد أقسام المجاز، وحينئذ وجب التعرض أولا لبحث التشبيه، إذ هو منها بمثابة الأساس من البناء، أو بمنزلة الأصل من الفرع.

تعريفه: هو في اللغة: الدلالة١ على مشاركة أمر لأمر في معنى٢.

ومعناه اصطلاحا: الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى بإحدى أدوات التشبيه لفظا, أو تقديرا لغرض, فالأمر الأول هو "المشبه"، والثاني هو "المشبه به"، ويسميان "الطرفين"، والمعنى المشترك بينهما هو "وجه الشبه".


١ يطلق التشبيه على فعل المتكلم, فالدلالة إذًا صفة له وهي أن يدل المتكلم بقوله على هذه المشاركة، ويطلق على الكلام نفسه الدال على المشاركة, فالدلالة حينئذ صفة الكلام.
٢ احترز به عن المشاركة في عين نحو: شارك محمد عمرا في ضيعة, فلا تسمى تشبيها لغويا. وقد اعترض على هذا التعريف بأنه غير مانع لمثل قولك: قاتل محمد عمرا، ولنحو قولك: جاء محمد وعمرو, فإن في كلا المثالين دلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى. فالأول دال على مشاركة محمد لعمرو في القتال, والثاني دال على مشاركة محمد لعمرو في المجيء، وليس شيء منهما تشبيها لغويا وإن قصد بهما معنى الاشتراك؛ لأن التشبيه ليس مجرد الاشتراك في معنى، بل لا بد فيه من ادعاء مماثلة أحد الأمرين للآخر. وأجيب بأن التعريف بالأعم شائع عند أبناء العربية، أو بأن الدلالة على المشاركة فيهما غير صريحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>