للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهاك أمثلته: تقول: "القواد المخلصون" كأسود الشرى "في الجرأة والإقدام"؛ ففي هذا دلالة على مشاركة أمر هو "القواد المخلصون" لأمر هو "أسود الشرى" في معنى هو "الجرأة والإقدام" بإحدى أدوات التشبيه هي "الكاف" في هذا المثال. ومثله قولك: "الصحابة مثل النجوم في الهداية والإرشاد"، وقولك: "هند شبه البدر في الوضاءة والإشراق", وقولك: "كأن راحة فلان السحاب في عموم الفيض" إلى غير ذلك.

ويجوز حذف الوجه مع بقاء الأداة كقولك في المثال الأول: "القواد المخلصون كأسود الشرى" وهكذا يقال في باقي الأمثلة. ويجوز العكس أي: حذف الأداة مع بقاء الوجه، أو مع حذفه، ويكون المشبه به في الصورتين حينئذ أحد الأنواع الآتية:

١- أن يكون خبرا للمشبه كقولك: خالد بن الوليد أسد١ بدعوى الاتحاد بينهما مبالغة في تشبيه خالد بالأسد في الجرأة، وكقولك: "فلان بطانة فلان" مبالغة في تشبيهه ببطانة الثوب في قوة الملازمة، وقد يحذف المشبه في هذه الحالة لقرينة, كقول الشاعر:

أسد علي وفي الحروب نعامة ... فتخاء تنفر من صفير الصافر٢

أي: هو أسد، وكقوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} أي: هم صم.

٢- أن يقع خبرا لما دخل على المشبه من النواسخ كما في قولك: "إن محمدا شجى في حلوق أعدائه، وقذى في عيونهم،


١ ادعى بعضهم أن مثل هذا النوع من التشبيه استعارة, بناء على أن حمل معنى الأسدية على خالد لا يصح إلا بإدخاله في جنس الأسد، والتحقيق أنه تشبيه لا استعارة -على ما سيأتي بيانه- لأن الاستعارة إنما تكون حيث يطوى ذكر المشبه لفظا وتقديرا، وهنا ليس كذلك؛ إذ إن الطرفين وهما "خالد والأسد" مذكوران.
٢ "الفتخاء": النعامة اللينة الجناح.

<<  <  ج: ص:  >  >>