للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولك: رضاب ليلى كلعاب النحل، وحموضة هذا الشراب كحموضة الخل. ومثال ما يدرك بحاسة اللمس قول ذي الرمة:

لها بشر مثل الحرير ومنطق ... رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر١

وقولك: خشونة هذا الثوب كخشونة جلد القنفذ, فالطرفان في هذه المثل جميعها حسيان كما رأيت.

٢- أن يكون الطرفان عقليين أي: مدركين بالعقل, كما نقول: "العلم كالحياة"، و"الجهل كالموت" و"الضلال كالعمى". فالطرفان في هذه المثل لا يدركان بغير العقل, ووجه الشبه في الأول "الأثر الجليل"، وفي الثاني "فقدان النفع"، وفي الثالث "عدم الاهتداء".

٣- أن يكون المشبه عقليا، والمشبه به حسيا, كقولهم في تشبيه الرأي الواضح، والحظ العاثر: "رأي كفلق الصبح"، و"حظ كسواد الليل"، وكقولك في تشبيه الخلق القويم، والطبع الكريم: "خلق كشذا المسك" و"طبع كأنفاس الزهر".

٤- أن يكون المشبه حسيا، والمشبه به عقليا, كما في قول الشاعر:

وأرض كأخلاق الكريم قطعتا ... وقد كحل الليل السماك فأبصرا

شبه "الأرض" وهي حسية "بالخلق الكريم" وهو عقلي في الرحابة والسعة بتقدير المعقول محسوسا حتى صار أصلا في وجه


١ "رخيم الحواشي": في أطرافه لين وتكسر، "والهراء" بضم الهاء: الكلام الكثير الفاسد، "والنزر": الكلام القليل, يريد: أنه لا يكثر في الكلام إلى حد الهذيان، ولا يقل منه إلى درجة العي.

<<  <  ج: ص:  >  >>